المخزون الغذائي يكفي ثلاثة شهور هذا ما قاله خالد الأمين تاجر الأغذية المعروف، والمخزون الدوائي يكفي ستة شهور هذا ما قاله د وليد المانع وكيل وزارة الصحة، فهل هذه المدة كافية؟ وهل العملية تقتصر على المخزون أم على ضمان سلاسة الإمدادات أيضاً؟ وهل القياس يؤخذ فقط بالمدة الزمنية أم بحسب الظرف كهذه الحرب الأوكرانية التي لا أحد يعلم إن كانت ستنتهي قريباً أم لا؟ «لا أعتقد كوجهة نظر خاصة أنها ستنتهي قريباً فحتى لو الرئيس الأوكراني فكر أن يستسلم لإنقاذ بلده وشعبه، فلن تدعه الولايات المتحدة يفعل ذلك، القرار أمريكي وأمريكا تبيع وتجرب كل الأسلحة على الجيش الروسي والعقوبات تضغط على الاقتصاد الروسي وأوروبا أكثر تبعية من أي وقت مضى لها، وهذه فرصة يراد لها أن تطول» إنما موضوعنا هو انعكاس مثل هذه الظروف غير المستقرة وغير واضحة المدى على أمننا الغذائي وأمننا الدوائي في البحرين.

بعد الجائحة وبعد هذه الحرب المفاجئة ثبت أننا بحاجة لاستراتيجية بعيدة المدى لهذين العنصرين «الغذاء والدواء»، ولا يمكن لهذه الاستراتيجية أن تكون انفرادية أي أن تكون معزولة لمملكة البحرين فحسب بعيداً عن أشقائنا، فنحن بأمس الحاجة للتكامل معهم خاصة السعودية والإمارات ومصر، الأكثر ثقة وضماناً لتكون لدينا استراتيجية موحدة تكاملية فيما بيننا للاعتماد على أنفسنا بهذين العنصرين الأمنيين فلا يمكن الرهان على أي حليف أو شريك غير مضمون في مسألة تتعلق باستمرار الحياة.

زراعة المواد الأولية للغذاء وتربية الدواجن والمواشي وتصنيع الدواء أصبحت لا تقل عن التسليح أو الصناعات العسكرية أهمية، والاكتفاء الذاتي أصبح ضرورة لابد منها وليس ترفاً أو كماليات.

ونحن كلما خضنا في هذا الموضوع نشطنا لأيام ثم نعاود السبات من جديد، وملف الأمن الغذائي تتجاذبه أطراف لا تتكامل فيما بينها إنما تتنافس في موقع ليس مكانه التنافس، فإذا كانت مشكلة البحر مازلنا نعالجها ببطء ومازالت أطراف نافذة تعيث في البحر فساداً وهو المكان الأكثر ضماناً لنا لأنه حولنا من كل اتجاه، إن كان هذا القريب المتوفر لم ننجح بعد في معالجته معالجة جذرية فكيف سنعمل على ما هو أبعد وأصعب؟ إن كنا لم نساهم في توفير حتى 50% من احتياجاتنا من الخضروات وتلك أيضاً ممكنة لو اجتهدنا وركزنا أكثر وتدخلت الدولة في منع الاحتكار وفتح أسواق استيرادية أكثر وخاصة بالتعاون مع السعودية.

في مصر تدخل الجيش في مسألة الأمن الغذائي حماية للمواطن من مضاربات التجار فالعديد من المصانع تدار من قبل شركات الإنتاج الغذائي تابعة للقوات المسلحة، الأمر لا يترك جله لقوانين السوق المفتوحة في أمور معيشية أساسية كهذه، وإن اشتكى السوق من منافسة غير شريفة ونتج عن ذلك توافر السلع بأسعار في متناول اليد للمواطن وضمن الاكتفاء الذاتي محلياً من الإنتاج الزراعي فلتذهب قوانين السوق الحر للجحيم والتي لا ينتفع منها في هذه الحالة إلا بضعة أفراد.

الأمن الغذائي والدوائي مسألتان لم يعد هناك مجال لتأخيرهما أكثر من ذلك في ظل الأوضاع الدولية المتقلبة لابد للدولة أن تتدخل.