بعد نشر اللقاء الذي أجراه الصحفي «غرايمي وود» في صحيفة «ذا أتلانتيك» مع ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان، كتب «وود» معلقاً بعد نشر النسختين العربية والإنجليزية من اللقاء، أن هناك بعض الاختلاف بين النسخة العربية والإنجليزية، ثم أورد الاختلافات وتبين من مجموعة الاختلافات البسيطة التي عددها بين النسختين أن انطباعات الصحفي الشخصية تغلب على تفسير ردود وإجابات ولي العهد أكثر منها الإجابات بحد ذاتها، وتوصيفه للضيف خاص به وليس مستوحًى من إجاباته التي لم ينكر أنها ذكية ومنطقية، وهي انطباعات لا تصدر إلا عن شخص أصدر حكماً مسبقاً عجز عن مداراته وإخفائه بالرغم من أن الأمير سمح له بالتطرق إلى أي موضوع يشاء وأن يكتب ما يريد، وكانت إجابات ولي العهد جريئة وصادقة وصريحة وقوية والحكم عليها لا يتغير حتى بقراءة النسخة الإنجليزية، إنما الصحفي ساءه أن ينال ولي العهد الإعجاب من شعبه ومواطنيه ومن الذين قرؤوا اللقاء.

الأهم من ذلك كله أن الأحكام التي أصدرها «وود» على سمو ولي العهد لا تتفق مع ما يجري فعلياً في المملكة العربية السعودية على أرض الواقع؛ فهذا هو الميدان الذي تحكم فيه على الرجل، ما تشهده السعودية بدا من إنجازاتها وصولاً إلى فائض ميزانيتها ومشاريعها وتطورها اللافت للنظر، وعلاقة ولي العهد بالشعب السعودي و كيف ينظرون إليه هي المؤشرات الحقيقية وهي الواقع وليست انطباعات الصحفي الأمريكي «غرايمي وود» الذاتية.

إنما هذه المؤشرات الحقيقية تصطدم مع الرأي المسبق ومع الغرض الذي يسعى له الصحفي ومع الأهداف التي وضعها الإعلام الأمريكي لخدمة أجندة هذه الإدارة وهذا التيار اليساري المبغض للمملكة العربية السعودية والذي يسوؤه أن يرى ما يعكس خطأ أو كذب ادعاءاته.

لذلك خلاصة هذا الموقف تعلمنا أن نيل إعجاب وسائل الإعلام الأمريكية ليس رهناً بالواقع ولا بالحقيقة، بل رهن بما يلتزم به القائد أو المسؤول بالأجندة الأمريكية لهذا التيار، فإن وجد من يسايرهم ويلبي طلباتهم ويتحمس لأفكارهم وما يروجونه لقيمهم ويطيع أوامرهم فإنه سيكون نجم الإعلام وبطله المغوار، كما يحدث الآن مع الرئيس الأوكراني، حيث حولوا الرجل إلى بطل خارق واستخدموا كل المؤثرات ووسائل الإقناع لزرع هذه الصورة التي تخدم أهدافهم، بغض النظر عن مصداقيتها، إنما ليس من أهدافهم أن تكون هناك دولة في منطقة الخليج العربي مستقلة القرار وقائدها يحمل رؤيا لوطنه قد تتعارض في أحيان ما مع مصالحهم ويتخذ ما هو في صالح وطنه، هذا النوع من القيادات لا يمكن أن يتركوه إلا بعد تشويه صورته للرأي العام الأمريكي حتى يبرروا أي سياسة غير منطقية يتخذونها معه.

لذلك فإن توقع أو انتظار أن ينقل الإعلام الحقيقة والواقع فذلك لن يحصل، وتقديم أي تنازل يؤدي إلى الرضوخ أو تقبل ما لا نقبله من أجل نيل رضاهم وانتظاراً لصورة إعلامية أمريكية عنه جميلة أو مدحاً فذلك لن يخدم أي مصلحة وطنية بتاتاً بل بالعكس فإن ذلك يباعد بينه وبين تلك المصالحة وبينه وبين شعبه.

نحن كما نحن، أحببنا من أحببنا وأبغضنا من أبغضنا، تحركنا مصالحنا الوطنية لا رضاهم، وقيادات هذه المنطقة تنال الإعجاب والتقييم والتكريم من شعبها ومن مواطنيها وليست بحاجة لأن تكون بطلاً في نظرهم كالبطل الأوكراني!!

ملاحظة

هذا ليس موقفاً داعماً أو مناهضاً للحرب الروسية على أوكرانيا، هذه نقطة محددة جداً لطريقة وأسلوب تعامل الإعلام الغربي مع الرئيس الأوكراني بشكل يخدم أجندتهم السياسية فقط، وهذه هي النقطة التي أقف عندها لا غيرها.