بعد ردّة الفعل الرسمية المتمثلة بتصريح من وزير الداخلية نفسه على اللقاء مع السفير الأمريكي وصلت الرسالة الرسمية المطلوبة.

وبعد ردّة فعل السلطة التشريعية وردّة فعل المجالس الشعبية على ذلك اللقاء أيضاً وصلت الرسالة المطلوبة، وكذلك ردّة فعل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني وصلت الرسالة المطلوبة.

وحتى ردّة فعل الأشخاص الذين وردت أسماؤهم بتبرّئهم ونفيهم لما جاء في الخبر المنشور في موقع «ديلمون بوست» أو الجمعيات التي ينتمون لها أيضاً هي الأخرى وصلت الرسالة المطلوبة.

وسواء كان الصحيح ما ذكره الموقع أو ما نفاه الأشخاص إلا أنه بعد ردّة الفعل هذه سيفكّر ألف مرّة من تُسوّل له نفسه أن يطلب من أيّ سفير بالتدخل في شأننا الداخلي، وسيفكّر كل سفير موجود في البحرين بمراجعة نفسه ووزن كلامه وهو يتحدّث مع أيّ بحريني.

فقد وصلت الرسالة أننا كشعب وكدولة لن نسمح بوجود «أحمد جلبي» بيننا مرّةً أخرى، ولن يغامرَ شخصٌ بسمعته ويتحدّث مع أيّ سفير أجنبي وخاصة الأمريكي طالباً مساعدته في التدخل في شأن محليّ بعد ردّة الفعل التي حدثت.

أمّا مَن تُسوّل له نفسه بالاستعانة بأي سفير أمريكي فليتذكر فقط صورة الجنرال الأفغاني الذي تركه الأمريكان يجلس على قارعة الطريق في أمريكا كي تكون حاضرةً أمام عينيه وهو يتحدّث معهم، فليعلم أنّ كلّ «متعاون» مع التدخلات الأجنبية مصيره منبوذ وطنياً وسيجلس «يشحت» على قارعة الطريق في أمريكا أو يركض خلف الطائرة ويتعلّق بها مثلما فَعَلَ الأفغان، تلك صور لا يجب أن تغيب عن بالنا أبداً وليحتفظ بها كلّ من تُسوّل له نفسه مجرّد التفكير بالعودة بنا إلى استجداء السفارات الأجنبية.

نحن شعب منفتح جداً ونلتقي بالأجانب سفراء أو غيرهم، ويلقون منّا كلّ الترحيب كشعب مِضياف، ونتبادل معهم أطراف الحديث بل إنّ كثيراً من السفراء يشعرون أنهم في بلادهم وهم يقضون مدّة خدمتهم في البحرين، على أن يكون ذلك ضمن احترام الأعراف الدبلوماسية، أمّا وإنْ تجاوز أحدٌ تلك الأعراف فإننا كشعب وقيادة سنقف له بالمرصاد أياً كانت الدولة التي يمثلها حتى لو كانت الولايات المتحدة الأمريكية، فلن تكون المرّة الأولى التي نطلب من مسؤول أمريكي أن يغادر البلد!

ثم.. أَبَعْدَ العراق وأفغانستان هل بقيت «للمساعدة» الأمريكية أية مصداقية؟ يكفي أن ننظر إلى مآل هاتين الدولتين لنعرف طبيعة المساعدات ومصيرها.

أَبَعْدَ تغاضي الإدارة الأمريكية عن جرائم أفظع نظام دمويّ وُجِدَ على الكرة الأرضية كالموجود في إيران الذي يَقتل ويُعدم الآلاف وعلى الرافعات في الشوارع، وتجاهل كل جرائمه ولا ينبس بكلمة عنه، من أجل أن يعقد معه اتفاقاً، هل يثق أحد بأنّ هذه الإدارة مَعنيةٌ حقاً بحقوق الإنسان في بلد آخر أو بالتطوّر السياسي في بلد آخر؟

أَبَعْدَ ما شاهدنا كيف دمرّت كلّ صور الإنجازات الديمقراطية في الصّراع السياسي الداخلي الأمريكي سواء بقمع المظاهرات أو بقمع الأصوات أو بالتدّخل في الإعلام أو أو أو، هل يحق لهم أن يقدّموا «المساعدة» السياسية لأي دولة؟

أخيراً

ذاك زمنٌ كنّا نرى فيه ديمقراطيتكم نموذجاً يُحتذى وحليفاً تاريخياً موثوقاً بضمان عمياني، فإنْ أردتم وإنْ أردنا أن نبني علاقة من أيّ نوع أو تحت أيّ مسمّى، حليف استراتيجي أو حليف سوبر ستار، فإننا نحتاج أن نُعيد بناء تلك العلاقة من الأول، مع الأخذ في الاعتبار ما جرى عندكم وما جرى عندنا.