لقد وجدت الحكومة اللبنانية نفسها أمام يوم الخيار من جديد، بعد خيار إقالة قرداحي يتأتى دور عملاء إيران من حملة الجنسية البحرينية الذين اتخذوا من بيروت منصة لهم لضرب العلاقات البحرينية اللبنانية، فإما أن تكون لبنان دولة تحترم علاقاتها مع أشقائها العرب، أو تحتفظ بعلاقتها مع إيران، وهكذا سيكون حال كل حكومة لبنانية ستقبل أن تدخل التشكيل مستقبلاً، امتحان يومي لخياراتها، فلن تكون هناك علاقات خليجية لبنانية مبنية على «الإرث» التاريخي أو أية روابط أخرى غير المصلحة والاحترام والمتبادل والأمن المشترك، وهو ما يجب أن تستعد له أي حكومة لبنانية، فإن فشلت حتى الوساطة الفرنسية في تقبل الحكومة الإيرانية اللبنانية الحالية فلن تنجح أي وساطة بعدها.

لهذا سواء كان طلب التحقيق الذي أصدره «ميقاتي» في لبنان في الاجتماع الذي عقد بغرض الإساءة للبحرين سيأخذ على محمل الجد، أم كان مجرد ذر للرماد في عيوننا، فإن العلاقات الخليجية اللبنانية ستبقى معلقة إلى أن تحدد الحكومة اللبنانية موقفها من الأجندة الإيرانية بشكل عام.

فلا نفرض الولاء للعروبة ولا نتدخل في سيادة الدول العربية ولكننا نشترط أن تكون العلاقة بيننا وبين أي دولة هو الاحترام المتبادل، تلك هي الخطوط الدنيا لأي علاقة صحية بين أي بلدين.

وإيران استباحت العواصم العربية الأربع وأمعنت في تهميش واحتقار وإهانة سيادتها وحكومتها وجيشها، وظنت أن بقية الدول ستظل على علاقة سوية بتلك الحكومات الهامشية، وستقبل بأن تظل العلاقات مستمرة رغم أن أراضي تلك الدول وعواصمها أصبحت منصة إطلاق لصواريخها ومخدراتها وعمل العملاء الخونة عليها.

أما تلك المجموعة العميلة فلتعلم هي ومن على شاكلتها الموجودين في العراق أو لبنان أنهم أصبحوا عالة على اللبنانيين ووجودهم مكروه ومبغوض من الشعب اللبناني، وأصبح أمر طردهم ملفاً مطروحاً على طاولة المفاوضات اللبنانية الإيرانية، ليكون امتحاناً لعروبة لبنان مثلما كان القرداحي امتحاناً سابقاً.

وليعلم الخونة أن كرامة ومعيشة الخائن مرهونة بالحاجة إليه من الذين نجحوا في إغوائه، ومتى ما انتهت الحاجة منه بقي عالة عليهم، لا يعرفون أين سيلقون به إن ضاقت العواصم العربية عليهم، وأصبح ملف طردهم مفتوحاً في كل العواصم التي يلجأون لها، بل أصبحوا موضع خلاف بين التيارات السياسية في تلك العواصم العربية بقدر صراع تلك العواصم مع الأجندة الإيرانية، وحينها لن يكون لهم ملاذ سوى أن يلقى بهم على الأراضي الإيرانية ليخدموا الإيرانيين داخل إيران، وحينها ستكون خدمات مختلفة، فلن يمنحوا الامتيازات المعيشية التي يتمتعون بها في لبنان والعراق، بل سيكون حالهم حال الإيرانيين الذين يعانون من البطالة أصلاً والعوز وليسوا بحاجة لخدم من العرب، وهذا ما يحصل الآن لجميع من هم في عواصم العرب المحتلة سيكون مصيرهم خدمة أسيادهم هم ومن على شاكلتهم من العرب، فتلك العواصم أصبحت تمتحن يومياً بتبعيتها لمصلحتها الوطنية أو للمصلحة الإيرانية.