بغرض الابتزاز تصنع هذه الدمى، الحكاية تتكرر برتابة مملة حتى أصبحنا نعرف خطوتها مستقبلاً، تبدأ اللعبة بصناعة دمية يطلق عليها ناشط أو ناشطة حقوقية في الإعلام الغربي، ثم تقوم هذه الدمية بكسر القانون وإثارة الفوضى، ينفذ القانون بالقبض عليها وتحاكم وفق القوانين المحلية، وسرعان ما تجد اسمها يتصدر الأخبار في وسائل إعلامهم!! ثم تتحرك منظماتهم الدولية للدفاع عنها، ثم تسمع اسمها في كل تقرير لوزارات الخارجية، ثم بعد ذلك تبدأ التصريحات الرسمية من قبل المسؤولين، ثم وهذا هو الهدف الأخير تجد الاسم مطروحاً على جدول اجتماع يسبق أي صفقة تجارية رسمية أو أي اجتماع رسمي، وتبدأ عملية الابتزاز لتحقيق الأسعار المطلوبة ولتحقيق الأهداف الأخرى التي لا علاقة لها بالحقوق أو بالقانون.

حكاية الفتاة السعودية نسخ ولصق لحكاية "ن ر" البحريني و"ز خ" البحرينية، وبعد حكم المحكمة الجزائية في المملكة العربية السعودية على الفتاة بالسجن خمس سنوات اثنتان منهما مع وقف التنفيذ، طالبت فرنسا بإطلاق سراحها فوراً، فرد عليها الأمير عبدالرحمن بن مساعد في تغريدة "نطالب فرنسا بالإفراج فوراً عن نشطاء السترات الصفراء".

قصة هذه الشابة تكررت بتفاصيلها في مصر والبحرين، هي ذات اللعبة، هم ذات الدمى، هي ذات الأوراق، هو ذات الأسلوب، دمى تصنع وتشكل بمواصفات معينة مدروسة كما يصنع الشباب أبطال البلاي ستيشن حيث يشكل اللاعب بطله أو دميته وفق مقاييسه، يختار شعاره كما يختار شعره، ويختار له أسلحته وملابسه ويتحكم في سلوكه، ثم يلعب به وبواسطته ومن خلاله يحقق أهدافه من خلال تحريكه بالريموت كنترول يحارب خصمه في اللعبة.

هكذا صنعوا "لاعبيهم" في دولنا بمواصفاتهم الخاصة، شباب يدافعون عن حقوق الأقليات بما فيها حقوق المثليين، دربوهم وعلموهم وأطلقوهم في بلداننا، وكل المطلوب منهم هو تحدي القانون وكسره بشكل سافر ومتكرر وتحريض الآخرين على ذلك، ليطلقوا عليهم بعد ذلك وصف "ناشط حقوقي" ووعدوهم بحمايتهم والدفاع عنهم، والواقع أنهم لم يكونوا سوى لعب من البلاي سيتشن من خلالهم يبتزون ويتحكمون في حكومات الدول التي يختارونها.

أشخاص لا وزن ولا ثقل لهم سياسياً أو حقوقياً، ولكنهم يتبعون الكتيب الإرشادي الذي أعدوه لمن سيطلقون عليه "ناشط حقوقي" سجل اسمك وكن عضواً في أي دكان حقوقي، شارك في لقاءات تلفزيونية، افتح لك حساب في وسائل التواصل الاجتماعي حتى تظهر كأنك شخص معروف وله أتباع!

ومن بعد ذلك صعّد خطاب تحدي القوانين ومن ثم اكسر القانون ونحن علينا الباقي.

الغرض في النهاية واحد، استخدامهم كأوراق ابتزاز لكن المفارقة أن من صنع تلك الدمى ودفعهم لكسر القانون، لا يمكنه أن يتهاون في قانونه وأمنه واستقراره وهويته، فتلك ثوابت يجب ألا تمس بالنسبة إليهم ويحافظون عليها ويتشددون في حمايتها، ولكن قوانيننا وأمننا وهويتنا يفترض فيها أن تتغير وتتبدل وفق رؤيتهم.

لا يقبلون أن تتعدى الحريات الفردية على هويتهم، لا يقبلون أن تتعدى تلك الحريات على قوانينهم، ولكنهم يطالبوننا أن نرضخ لتلك الحريات الفردية حتى لو انتهكت هويتنا وقوانيننا، تناقض وازدواجية ممجوجة، تباعد بين شعوبنا وشعوبهم أكثر من التباعد بين حكوماتنا وحكوماتهم، فهؤلاء الدمى لا يمثلون شرائح شعبية كبيرة كما يتوهمون، بل العكس ولا يمثلون "الطلائع" في معركة التغيير كما يصورونهم، هم بالنسبة إلى مجتمعاتنا مجرد أفراد سطحيين جداً ولا يفقهون فيما يتحدثون وأدوات في يد قوى أجنبية، ودعاة تغيير لمجرد التغيير، جرائمهم تتمثل في كسرهم القوانين وتحريض الآخرين على كسره، وليست جرائم تتعلق "بحرية تعبير"، إذ لو كان كسر القوانين وعدم الالتزام بها حرية قابلة للتداول لما حاربت فرنسا من عبر عن عدم رغبته في الالتزام بقوانينها ووصفته بأنه انفصالي!

الانفصالي في فرنسا شخص يتمتع بالجنسية الفرنسية لكنه لا يلبس لباسهم ولا يتحدث بلغتهم ولا يريد تعليمهم ومدارسهم ولا يقبل بهويتهم ويحرض الآخرين أن يحذو حذوه ويقبل أموالاً من مصادر أجنبية ويتواصل معها بطرق غير مشروعة ويدين لها بالولاء، أليست هذه جرائم من سميتموهم "نشطاء حقوقيين"، وهي ذاتها جرائم الانفصاليين؟

مصدر ازدواجية وتناقض كل من ينادي بإطلاق فوري لأي شخص تم إنفاذ القانون عليه وحوكم وصدرت أحكام ضده في دولنا، إن هويتنا وثقافتنا في نظره لا تستحق أن تصان وتحمى على عكس هويته الثمينة التي لا يقبل أن تمس.

* ملاحظة:

بخصوص مقال أمس الأول حول فكرة العمل من المنزل لقيت تجاوباً على المبدأ، لكن عدداً منهم قال إن نسبة الخصم 25% كبيرة.

للعلم فقط الفكرة من عندي 100% وليست بالون اختبار كما اعتقد البعض، وإن قبلت بها الحكومة من حيث المبدأ فممكن أن يتم الوصول إلى نسبة يقبل بها الطرفان.

في النهاية الطرفان مستفيدان، ويبقى الموضوع اختيارياً.