من الحسنات التي جنتها البحرين بعد خروج حزب الدعوة الفرع البحريني من المشهد السياسي وهو الحزب الذي كان يدين بالولاء للمرشد الأعلى الإيراني وممثلاً بجمعية الوفاق المنحلة، أن الروح «الوطنية» الجامعة عادت لتسم الحراك الشعبي العام، سياسياً كان أو اقتصادياً أو اجتماعياً، فلا تسمع طرحاً فئوياً ولا تشم رائحة طائفية بل تسمع طرحاً شعبياً عاماً وهذا مكسب لابد من البناء عليه وتعزيزه وتقويته خاصة في أوقات الرخاء السياسي.

البحرين بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى لمراجعة كافة نقاط الضعف والثغرات التي سمحت بوجود مثل تلك الأحزاب السياسية التي كانت تتحرك بنفس فئوي حتى لا تجد نفسها أمام تكرار لتجربة مؤلمة وفاشلة استغلت الثغرات القانونية واستغلت رغبة صادقة لبناء العلاقات ومد اليد فنفذت من خلالها أجنداتها الخاصة.

الآن ولله الحمد أي طرح أو مطلب أو حديث يطال أداء الحكومة ويكون معارضاً لقراراتها فهو طرح شعبي عام غير فئوي، سواء كان اعتراضاً على رسوم أو ضرائب أو على عمالة أجنبية فائضة أو قانون للتقاعد أو على الميزانية وبرامج الحكومة، وكلها ملفات حساسة وهامة، إلا أن الطرح تجاهها طرح وطني بحريني صرف حتى وهو في أشد درجات معارضته، فلا تجد أحداً يعارضها بنفس طائفي فئوي، فإن وجد فإنه مرفوض شعبياً أكثر مما هو مرفوض رسمياً.

حالة الانسجام الشعبي هذه لابد أن نبني عليها ونتدارس سوياً اليوم أي من الثغرات التشريعية -إن وجدت- يجب أن تغطى وتصحح، وأي من التدابير والإجراءات الخاصة بالمظلة الرسمية التي تم اتخاذها لمنع قيام الأحزاب والاتحادات النوعية القائمة تأسيساً ونهجاً وأجندة على طرح فئوي، ولابد أن تعالج وتصحح الآن، حتى لا يعتبر أن تلك الإجراءات موجهة لأحد.

صحيح أن الميثاق والدستور منع التحرك الشعبي بناء على أسس طائفية أو دينية إلا أن ما حصل أن أكثر من حراك طائفي تحرك بأريحية في تلك الأعوام وأسس كيانات فئوية واستظل بالمظلات الرسمية دون أن يحول الدستور أو الميثاق بينها وبين ذلك الحراك، وحين حاولت الدولة التصحيح بعد فترة وجهت بتهمة التحرك ضد فئة أو ضد طائفة.

اليوم هو أفضل وقت مناسب جداً لدراسة كيفية ضبط تلك الثغرات ومنع دخول أي فيروس فئوي أو طائفي أما بتعديل ما يحتاج إلى تعديل أو بتدابير قانونية تؤكد على تطبيق القوانين والتمسك بروح الدستور وميثاقنا الوطني.