أفضل ما فعله ترامب أنه عرى «الديمقراطية الأمريكية» فضحها جردها من آخر قطعة تسترها، وليته أجل معركته مع أدوات تلك الديمقراطية الزائفة إلى ما بعد إعادة انتخابه لما كان فتح جبهتهم مبكراً.

لأن الرجل من خارج المؤسسات الرسمية ولأنه كان يلومهم على تراجع مكانة الولايات المتحدة الأمريكية، يلوم نظامها وإجراءاتها ورموزها فحارب الاستخبارات والأمن القومي والإعلام والخارجية بل وحارب حتى الجيش، ورفض الإذعان «للنظام» وحربه كانت علنية معهم، ولم يكن يخفي شيئاً ولم يحارب من تحت الطاولة، فعلها أمام الملأ مما اضطر خصومه جميعاً لمواجهته على المكشوف وهذا الذي عرى «الديمقراطية الأمريكية» كنظام، وفضح حقيقة الشعارات التي نصبوا أنفسهم حراساً عليها.

ذكاء ترامب دفع «الدولة» الأمريكية أن تحاربه علناً، وتجاريه حين اختار هو التوقيت والوسيلة وأجبرهم عليها، فما كان منهم إلا خاضوها علناً مثلما طلب.. والنتيجة؟

فضيحة من العيار الثقيل.. النتيجة أنه لا حقوق إنسان ولا نزاهة ولا مصداقية ولا شفافية ولا خطوط حمراء ولا تحري حقيقة ولا حريات ولا أي من القيم التي رفعوها سابقاً وتدثروا بغطائها سابقاً في ادعاءات حراستها وحمايتها دولياً، فكلها كانت شعارات جوفاء حين تهددت مصالحهم، في النهاية سقط «النظام الديمقراطي» الأمريكي في الامتحان ونجح الديمقراطيون!!

عموماً تلك أمورهم الخاصة والمحلية ولا تعنينا، الأمريكان أدرى بشؤونهم وبخياراتهم، فقط نريد أن نذكر أنفسنا مستقبلاً حين تصلنا تقارير الخارجية الأمريكية التي تقيم وتحكم الولايات المتحدة الأمريكية أوضاعنا ومدى قربنا أو بعدنا عن تلك القيم التي نصبت نفسياً حارساً عليها، كل ما علينا حينها أن نتذكر ما كشفه ترامب ونحن نقرأها.

لنتذكر ما حدث في انتخاباتهم ونحن نرى السفير الأمريكي القادم وهو يتجول بين مقار الانتخابات عندنا ليكتب تقريره حول معايير النزاهة ومصداقيتها في البحرين.

ونحن نقرأ تقارير الخارجية الأمريكية مستقبلاً عن درجة ومستوى حرية التعبير في دولنا حديثة العهد بالديمقراطية ومصداقية هذه الحريات وشفافيتها لنتذكر فقط ما فعلته صحفهم وما فعلته وسائل التواصل الاجتماعي لترامب ولإدارته.

حين نقرأ تقارير وزارة الخارجية الأمريكية مستقبلاً وهي تقرر لنا سير محاكمنا ودرجة استقلالية قضائنا لنتذكر كيف تقاتل الحزبان على تعيين أعضاء المحكمة الدستورية لأن كل عضو فيها سيميل بكفته حزبياً لا عدلياً إن ذهبت النتائج الانتخابية إلى محكمتهم العليا.

حين تراقب تقاريرهم استخدام سلطاتنا الأمنية للقوة في استتباب الأمن وتكتب التقارير حول التزام الجهات الأمنية بالحد الأدنى من القوة في فرض الأمن واستتبابه لنتذكر كيف استخدمت الولايات التي يحكمها ديمقراطيون «الأمن» كورقة سياسية يلعب فيها من أجل الانتخابات حتى لو مات الناس وأهدرت أرواحهم.

في النهاية ستبقى الولايات المتحدة الأمريكية حليفاً وشريكاً لنا وتربطنا بها مصالح مشتركة كثيرة، فتلك هي السياسة، وستظل خارجيتها تكتب تقاريرها عنا بغض النظر عن وجود جمهوري أو ديمقراطي في المكتب البيضاوي، إلا أن هذا المقال ليس لهم -رغم أنهم سيترجمونه- هذا المقال لنا ولمن سيقرأ تقاريرهم مستقبلاً أن عليه أن لا ينسى ذكرى عهد ترامب.. وليتذكر (ديمقراطيتهم) حينها!