السعاده قرار شخصي وإدراك ذهني ونفس مطمئنة وإحساس داخلي بالسلام بغض النظر عن العوامل الخارجيه. قد تعطيك بعض الظروف الخارجية شعوراً بالسعادة، ولكنها سعادة وقتية لا تلبث وأن تزول مع التعود عليها إذا لم يصاحبها ذلك الإحساس الداخلي بالسلام. فكيف يمكن ذلك؟

في رأيي الشخصي أهم منبع لهذا الإحساس هو الإيمان المطلق بالله سبحانه وتعالى والاستسلام لقضائه وقدره. والتيقن الذي لا يقبل الشك ولو للحظه بأن الخير فيما اختاره الله سبحانه وتعالي فكما يقول الله في محكم آياته من سورة البقرة "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون".

ويقول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، "عجباً لأمر المؤمن ولا لأحد غير المؤمن إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر وفي كلا الأمرين خير له".

ويقول سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "إن صبرت على المقادير جرت المقادير وأنت مأجور وإن جزعت على المقادير جرت المقادير وأنت مأزور، فالمقادير جارية جارية بغض النظر عن تعاملنا معها".

كما لا بد من التنويه بأننا بشر ولسنا بملائكة. ونحن في دار ابتلاء ولسنا في جنة الخلد لذا فمن الطبيعي جداً أن نفقد أعزاء علينا وقد نخسر أموالنا ووظائفنا وقد نمرض أو يبتلينا الله بخوف أو تغيير جذري في نظام حياتنا كما يحدث الآن مع جائحة كورونا فهل يعقل في مثل هذه الظروف أن لا نتضايق أو لا نحزن أو لا نشعر بالقلق بالطبع لا بل إننا إذا لم نشعر بمشاعر سلبية في مثل تلك الظروف في بادئ الأمر فهذا يعني بأننا على غير توافق مع أنفسنا ونعاني من اضطراب نفسي. نعم نحزن ونتضايق ولكن لا نستسلم لهذا الشعور ولا نيأس من الحياة نأخذ فترة من الوقت ثم نواصل المشوار.

لذا متى استشعرنا بهذا الإيمان المطلق بقضاء الله وعشناه بكل ذرة من كياننا تمكنا من الحياة بكل ظروفها صبرنا على المحن وشكرنا على المنح وعشنا في توافق وسلام داخلي.. وللحديث بقية.