نهر النيل من منبعه إلى مصبه، تقع على ضفتيه دول ذات حضارات قديمة، وكانت مصر حتى قبل ثورة 23-7-1952، تتكون من مصر، والسودان، ثم تم تقسيم السودان حيث نشأت جمهورية جنوب السودان، فأصبحت مصر جمهورية، والسودان جمهورية، وجنوب السودان جمهورية.
وتعد جمهورية أثيوبيا – الحبشة قديماً –، من الدول الأولى التي اعتنقت المسيحية، ولا زالت، وفي عهد الرسالة المحمدية، كانت أثيوبيا ملجأً للمهاجرين المسلمين، ووجدوا فيها الأمان وحماية مليكها النجاشي لهم، وعندما قرأ عليه سيدنا حمزة عليه السلام جزءاً من سورة مريم عليها السلام، خشع ودمعت عيناه، وقال إن هذا مثل الناموس الذي نزل على سيدنا عيسى بن مريم عليهما السلام، ومن الروايات المؤكدة عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أنه آمن وكتم إسلامه، ونُبئ سيدنا محمد عليه السلام بيوم وفاته، وقال لصحابته قوموا نصلي صلاة الغائب على النجاشي، وأن وفداً جاء من الحبشة إلى المدينة المنورة وأسلموا، وإنهم ناصروا سيدنا محمد بإحدى غزواته.
علاقة أثيوبيا مع دول وادي النيل والدول العربية قديمة، كما إنها من الدول القوية في ذلك الزمان.
الخلاف الحاصل على مياه النيل، أرجو أن لا يقود إلى خلاف في العلاقات الحميمة بيننا، النيل كما هو مصير حياة لمصر والسودان، هو مثل ذلك إلى أثيوبيا، وأن القوانين الدولية التي وضعت منذ زمن تُحرم على دول المنبع عدم تبديل مسار الأنهار الدولية، لأنها وجدت بإرادة الله سبحانه وتعالى، وإلا كيف سار هذا النهر العظيم من وسط أفريقيا واتجه شمالاً إلى السودان ومن ثم إلى مصر، ليصب في البحر الأبيض المتوسط «الدلتا»؟
من الأقوال المشهورة لحكماء مصر إنها هبة النيل، إذ لولاه لكانت السودان ومصر صحراء.
ما أحوجنا لتدبر القرآن الكريم.
«مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان».
البرزخ هو جزء من اليابسة يفصل بين بحرين، بعكس المضيق، والبرزخ النهري، لا يُرى بالعين، إنما هو ذلك الاندفاع القوي من الماء السريع المتلاحق في مجرى النهر، من المنبع إلى المصب، فإذا لا سمح الله حصل جفاف أو انحباس المطر عن أراضي المنبع، ستتناقص قوة البرزخ، ويتراجع إلى الداخل، وسيطغى الماء المالح على الماء العذب وسينخفض مستوى النهر وسيؤثر ذلك على السد العالي وبحيرة ناصر.
إن على الدول الثلاث الاتفاق على ما يعود بالفائدة عليهم جميعاً، «لاضرر ولا ضرار».