لم نشعر بقرب «الدولة» منا كمواطنين كما نشعر بها هذه الأيام، لم نشعر بقوة القانون وحزمه كما هو شعورنا هذه الأيام، إذ بعد الدقائق الأولى لأي شكوى، ومن أي مواطن حتى لو لم يكن هذا المواطن معروفاً تجد الاستنفار الحكومي، للتفاعل، للرد، وترى بأم عينيك وبالصوت والصورة مشاهد تطبيق القانون وفوراً، هل تعرفون أثر ذلك على نفسية المواطن وعلى علاقته بنظامه السياسي وعلى حجم الثقة بينه وبين حكومته؟

حتى المشككين في قدرات الدولة وفي نواياها وفي التزامها بالقانون بهتوا وانعقدت ألسنتهم ومحاولات تشكيكهم قوبلت باستهجان كبير من المواطنين فلم يروا بداً من الانزواء والسكوت.

كلمة «كفو» على أداء الأجهزة الحكومية أصبحت شائعة بين الناس وهم يتناقلون أخبار تحركات الوزراء والمسؤولين وجهات إنفاذ القانون، كلمة (عفيه عليهم) أصبحت متكررة يومياً تلازم التطبيقات الفورية للقانون، القانون أصبح ملازماً لنا، وكلنا كمواطنين أصبحنا مفتشين للحكومة واعين وصحوتنا متيقظة لملاحقة المخالفين.

في تفتيشات المخازن، في متابعة الشكاوى على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي تسكير المحلات المخالفة، في توفير المواد الناقصة في ملاحقة المخالفين في القبض عليهم، في صدور الأحكام وسرعة إنفاذها.

لم نعد نسمع كلمة «ما في فايده» أصبحت هناك فائدة من تفاعل المواطن ومشاركاته أصبح لرأي المواطن قيمة، الأجمل هو من أن من يرد على القلة من المشككين هم الناس، من يسكتهم، من يرد عليهم بالحجة والمنطق هم الناس، أصبح للحكومة جيش مدافعين من الناس.

كلنا عيون ساهرة لأننا وجدنا تجاوباً وتطبيقاً للقانون بلا مجاملة وبلا هوادة وبلا تأخير.

كلنا حماة للمستهلك وكلنا مفتشون بلديون وكلنا مفتشون صحيون والقانون إلى جانبنا ورجال الأمن في ظهرنا والنيابة تباشر مهامها بلا تهاون والعقوبة فورية .... يا سلام الحياة جميلة لو كل أيامنا بهذه الوتيرة، لكنا أكثر بلد يتحالف فيه المجتمع مع حكومته ويشعر بقربها منه.

حتى دعاوى وشكوى المظلومية والتمييز لا تجد لها مكاناً الآن، الكل أقر بأن المعاملة الحسنة والاحترام سمة من سمات الموظفين الحكوميين مع جميع المواطنين، ووجود حالات هنا أوهناك لموظف لم يحسن أداء عمله أو تعامله مع المراجعين أصبحت استثناء لا قاعدة.

أداء الأجهزة الأمنية والقضائية والرقابية جعلنا نحمد الله ونشكره على نعمة «الدولة» حيث أدت بقية الأجهزة وظائفها دون إرباك وحيث المواطن مطمئن فعلاً أنه في أيدٍ أمينة رغم أننا في زمن نرى بأم أعيننا شكوى الناس وتذمرهم في دول أخرى من حكوماتهم ومن سوء أدائها ومن نقص خدماتها ومن انهيار المنظومة الأمنية فيها وتجاوز الكل على القانون هناك.

لذلك نريد هذه القبضة القانونية ونريد أن نرى سرعة إنفاذ القانون أن تستمر، ونريد أن تستمر عملية نقل صور التفاعل الحكومي الإيجابي والفوري مع شكاوى الناس، نريد أن نبني على ما اكتسبناه اليوم.