لم نرَ هرمون الأدرينالين عالياً في الجسم الحكومي كما هو هذه الأيام، والأدرينالين عبارة عن هرمون (أي مواد كيميائية) يتم إنتاجه في الغدة الكظرية، بالإضافة إلى كونه ناقلاً عصبياً ما يعني أن الدماغ أيضاً قادر على معالجته.

يعتبر هرمون الأدرينالين من أهم أسلحة جسم الإنسان البشري منذ القدم، حيث إنه أساسي له في صراع البقاء، لأنه يتم إفرازه في الجسم بحالات الطوارئ والأزمات من أجل إيقاظ وتيقظ الجسم.

زيادة الإنتاج وضع طبيعي حتى على مستوى الأجسام البشرية، حين تتعرض للخطر فترتفع نسبة هرمون الأدرنالين فيه ليحفز جميع الأجهزة البشرية كي تكون في وضع الجاهزية، وهذا هو اليوم حال الجهاز الحكومي.

بسبب الشعور بالخطر فإن كل وزاراتنا بلا استثناء ومؤسساتنا الحكومية في وضع استنفار عام متحفزة ونشطة وعلى أهبة الاستعداد، والأداء عالٍ جداً جداً، رغم أن 70% من موظفي الدولة في البيت وقليل منهم يعمل عن بُعد، ماذا يثبت لنا ذلك؟

أولاً

إن الوزراء مالم يشعروا بالخطر فإن أداءهم لن يكون متحفزاً وسيكون رتيباً.

ثانياً

إن الوزراء (يبيلهم مجابل) لا في الجلسة فقط ولا في اللجان فقط بل على مدار الأربع والعشرين ساعة بلا كلل ولا ملل، ولا نفس قصير، وهم كأي موظف ما لم يرَوا مسؤولهم حاضراً بالسؤال والمتابعة وسابقهم بمعرفة ما يدور وما يجري، فإنهم سيعملون بنصف إن لم يكن أقل من طاقتهم.

ثالثاً

إن مَن هم دون الوزراء في المناصب بحاجة للشعور بذات الخطر، وعدم الاتكال على الآخرين، ولا مجاملة ولا مراعاة، ويحتاجون أن يشعروا بالخطرمثل وزرائهم دوماً وهم يعملون.

رابعاً

يثبت لنا هذا المؤشر أنه إذا وضعت الوزراء دوماً في وضعية «الخطر» فإنهم لا يبذلون نشاطاً أكثر من المعتاد فحسب بل يبدعون، فلم نرَ تحركات ميدانية وقرارات حازمة من الوزراء كما نراها الآن إلى جانب أفكار خارج الصندوق جميلة وتوجد الشيء من العدم، انتهت الرتابة الاعتيادية.

خامساً

يثبت لنا أن في البحرين طاقات وإبداعات حتى لدى الوزراء الذين كانوا لا حس لهم ولا صوت ومركونين ولم نكن نعرفها لكنها طاقات كانت ساكنة ورتيبة.

سادساً

إننا كنا نملك كل المقومات بما فيها البنية التحتية لأداء أفضل مما كنا عليه قبل فيروس كورونا، الذي حفزنا جميعاً الآن هو الشعور بعدم الاسترخاء والإحساس بالمسؤولية على مدار الأربع والعشرين ساعة.

سابعاً

أثبت فيروس كورونا أن تطبيق القانون الفوري للعقوبات يعطيك أداءً ولا أروع.

سواء على مستوى محاسبة الوزراء كما هو على مستوى محاسبة المواطن، الجميع شعر بأن أي تقصير أو تهاون أو امتناع عن إنفاذ القانون فإن العقوبة ستكون فورية، هذا الخوف الصحي والقلق الإيجابي طور الأداء وحسنه ورفع كفاءته وجعل الجميع يشعرون بالتساوي أمام القانون، فسهل تنفيذه وتطبيقه... إنه الأدرناليين الحكومي.

الخلاصة

بعد فيروس كورونا بإذن الله تعالى يحتاج الجسم الحكومي أن يشعر دوماً أن كل أيامه فيروس كورونا، وأن نعيد تقييم أداء أجهزتنا الحكومية في ضوء هذه التجربة الفريدة من نوعها والتي منحتنا فرصة ثمينة لمعرفة نقاط قوتنا وإمكانياتنا حين نعيش كلنا تحت الضغط الإيجابي.