لم أشرف بلقائه شخصياً، ولكن من منا لم يلتقه في بيت شعر وطني، أو بيت غزل، أو من خلال دعابة عفوية كنا نحتاجها في تلك اللحظة، لتفهمنا بأن «الدنيا ما تسوى» كل تلك الجدية أو التصنع أو أن تحمل فيها نفسك على أكثر ما تحتمل.

رحل عنا الفقيد الكبير الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، رحمه الله وأسكنه في فسيح جنانه، بعد أن رأى حلمه واقعاً، ورمى بعدها تلك «الكرة المربعة»، ليلتقط كأس بطولة الخليج العربي بكل فخر وجدارة، ويرفعه أمام أعين كل خليجي، كانت تبرق عيناه -كأعيننا في البحرين- بدموع الفرح والإشادة، فالكل في البحرين ومحيطنا يعلم كابراً عن كابر بأن الفقيد الكبير كان اللاعب رقم «12» في المنتخب البحريني، منذ إقامة أول بطولة خليجية على أرضنا في عام 1970، وحتى تحقيقنا البطولة الأخيرة.

لن أطيل في من هو الفقيد الكبير الشيخ عيسى بن راشد أو ماذا يعني لنا كبحرينيين، فحديث القلوب لا يسعه هذا المقام. عيسى بن راشد قبل اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي، وقبل أن يكون هذا العالم قرية صغيرة. وتحديداً بعد الاستقلال.. لم يرفع الحس الوطني لدينا من أقصى البديع إلى رأس الحد أدبيا، كمثل الفقيد، بأبيات تناقلناها جيلاً بعد جيل.. هذه الكلمات أصبحت مقرراً إلزامياً على كل بحريني حفظها مع النشيد الوطني:

«من خلقت الدنيا واحنا هل البحرين

بالجود ويا الكرم والعز معروفين

احنا اللي في أرضنا كل الحلا والزين

واحنا اللي في بحرنا دانات منثورين

يمضي العمر عندنا ما تذكره السنين

بالجود ويا الكرم والعز معروفين

احنا القمر لي ظهر وقف ينادينا

حتى القمر عندنا يحب غناوينا

والعود ما قط سكت يحيى ليالينا

بالجود ويا الكرم والعز معروفين»

قليل من خلد ذكر البحرين كمثل عيسى بن راشد.. منذ ملحمة جلجامش.

يقول الفقيد الكبير في إحدى ملاحمه الوطنية مخاطباً البحرين: «يالزينة ذكريني لي غيبتني بحور... حلفت يالزينة ما فارق البحرين، في قلبي مزروعة ومحفوظة وسط العين»..

ستظل تذكرك الزينة يا بو عبدالله، وسنظل نذكرك معها، فلن تحتاج إلى «تحلة قسم».. حينما حلفت ما تفارق البحرين.. كنت صادقا بالأمس، واليوم وغداً أنت أصدق.