الآن نحن نعيش في عصر أنعم الله فيه علينا بخيرات كثيرة، ونُبشت خزائن الأرض المدفونة، وما على ظهرها وما في بحارها، نِعم ظاهرة وباطنة، والعلم الحديث أتاح لمَن تبحر فيه اكتشافات وأفكاراً وعلوماً واختراعات كثيرة أيضاً، لم تخطر على بال، ما كنا نعده نفايات وندفنه في حفر ونطمرها به، وما يلغى في البحار والأنهار كلها تلوث البيئة، وما نحرقه ونحوله إلى أدخنة ورماد وسخان وغيرها كثير من تصرفات تدل على قصر بصيرة الفاعل، كل ما ذكرتهُ هي مواد نعدها نفايات لا فائدة من ورائها، فإذا بها وبطريقة علمية حديثة، أمكن تحويلها أو تدويرها واستعمالها في صناعات عديدة، بالإضافة إلى استعمال بقايا الطعام الزائدة، في صناعة الأسمدة العضوية، وزيادة المنتجات الزراعية، وهي أقل ضرراً من الأسمدة المصنعة بمواد كيماوية، وأكثر فائدة للإنسان والحيوان والأرض والزراعة.

من نعم الله تعالى علينا -أعني أغلب الدول العربية- نعمة البترول والغاز، وها نحن نسمع ونقرأ ونشاهد في التقارير المتلفزة، أن دول حوض البحر الأبيض المتوسط، بحارها الإقليمية تحت قاعها مخزون هائل من البترول والغاز، ودول تعد بلا دخل ثابت، ستصبح غنية، ومواطنوها سيرتفع دخل كل منهم، وستقل البطالة، وبدلاً من اعتمادها على المعونات الخارجية والاستلاف من البنك الدولي، رزقهم الله تعالى من فضله، وبالتبعية سيكون مستوى معيشة الفرد أعلى من السابق.

هذه النعم، إن لم نستغلها الاستغلال الأمثل والسليم، ونستثمرها في مشاريع مستدامة، لا استهلاكية، ستزول ولن يستفاد منها.

هذه الرسالة هي التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، وينفذها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء حفظهما الله تعالى ووفقهما بتوجيه من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه.

وها نحن نرى أن ميزانية الدولة أخذت تتعافى، والدين العام ينكمش بشكل ملحوظ، ويلمسه كل مواطن ويشكر عليه سعادة وزير المالية الموقر الذي مُنح شهادة أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط لعام 2020.

إن ثروة الوطن في أيدٍ أمينة، ووفق سياسة حكيمة وإنتاجية، وتضيف ولا تستهلك، وسيحصل كل مواطن على حقه كاملاً من ثروته التي يعد هو -أي المواطن- جزءاً مهماً في توفيرها بعمله المخلص، والمحافظة على ديمومتها إذا تولى ولو شأناً بسيطاً في إدارتها، ومن فوائد هذه السياسة المالية الرشيدة، تشييد المدن والمجمعات السكنية الكثيرة، التي قلصت مدة الانتظار، وحصول المواطن على منزل العمر، ونالت ثناء كل مواطن وشكره للقيادة الملهمة، والأهم فرحة أسرته، ناهيك عن السعي الحثيث في بناء البنى التحتية بمجملها، وإنتاج الطاقة الكهربائية والماء من الطاقة المستدامة النظيفة، والمحافظة على البيئة، والأهم حصول المواطن على فرصة للدراسة مجاناً، والعمل، ليعتمد على نفسه في البحث عن رزقه وحفظ ماء وجهه، مع العلم أن المتعطل يحصل على مساعدة بدل تعطل.

فلماذا التسول؟...، إننا نريد القضاء على هذا الموقف المذل، نرى المتسول أو المتسولة عند بوابات المساجد أو في الأسواق، أو غيرها، مع أن البحريني والبحرينية مكفولان مادياً ويحصلان على معونة من الدولة.

إن المشروع الإصلاحي الشامل لحضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، اهتم بكرامة الإنسان أولاً، وكرامة الدولة من كرامة أبنائها، والمؤسسة الخيرية الملكية هي أولى بوابات القضاء على التسول، فلماذا لا تطرق؟ إلى جانب مكتب الشكاوى والتظلمات والمجلس الأعلى للمرأة بقيادة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى حفظها الله ورعاها، بالإضافة إلى الجمعيات الخيرية والصناديق الخيرية المنتشرة في طول المملكة وعرضها، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ولا أنسى أصحاب الأيادي البيضاء من الأعيان الكرام، كلها روافد ترفد المحتاج والمعوز، لماذا لا يقصدها هؤلاء المتسولون والمتسولات إن كانوا حقاً يستحقون شيئاً منها؟ ولن يغلق باب أمامهم إذا ثبت صدقهم من بعد دراسة أحوالهم بواسطة الباحثين والباحثات الاجتماعيين المنتدبين؟ في العهد الزاهر اليتيم مكفول والأرملة مكفولة والمطلقة مكفولة والمريض يعالج مجاناً؟ هل التسول عادة مكتسبة أم وسيلة من وسائل التكسب بلا عناء؟ استمرأها المتسول أو المتسولة؟ مع العلم أن أكثر المتسولين غير بحرينيين، أم ينطبق على المتسول أو المتسولة القول الشعبي «أم الرواشن حطوها في بيت الغنى فما استغنت»، حفظ الله تعالى قيادتنا العادلة وبلادنا وشعبها من كل موقف مذل، وإني أناشد السلطة التشريعية بسن قوانين تنهي هذه الظاهرة.