تذكرني الأجواء هذه الأيام بالأجواء التي سبقت عملية غزو العراق في 20 مارس 2003م، من قبل قوات الائتلاف بقياده الولايات المتحدة الأمريكية وأطلقت عليه تسمية ائتلاف الراغبين وكان هذا الائتلاف يختلف اختلافاً كبيراً عن الائتلاف الذي خاض حرب الخليج الثانية لأنه كان ائتلافاً صعب التشكيل واعتمد على وجود جبهات داخلية في العراق متمثلة في الشيعة في جنوب العراق بزعامة رجال الدين والأكراد في الشمال بزعامة جلال طالباني ومسعود برزاني. وشكلت القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية نسبة %98 من هذا الائتلاف.

ما علينا.. لسنا بصدد الحديث عن الائتلاف الأمريكي البريطاني ولا الحديث عن تشابه وضع الحصار بالعقوبات على العراق مع وضع الحصار بالعقوبات مع إيران و لا عن تقارب التوقيت، ولا للحديث عن احتمال تأخير الضربة على إيران إلى 20 مارس 2020 أو قد تطول وننتظر إلى حين مارس 2023 كي تكون لعبة التوازن في الشرق الأوسط محسوبة كل عشرين سنة يتركون وحشاً ليكبر ويسمن ويتمدد ثم يقصفون أجله وينهون وجوده، 2003 قصفوا العراق 2023 يقصفون إيران ومن ثم يعطون الكفة الثانية في المعادلة أن تكبر وتنمو ثم يأتي الدور عليها وهكذا تستمر العملية.

أيضاً ما علينا من هذا كله مقالي اليوم هو ذكريات الأيام التي سبقت مارس 2003 أي الأيام التي سبقت ليلة الخميس قبل أن تدك طائرات البي 52 العراق وقد تم استدعاؤها من قاعدة لويزيانا الأمريكية إلى قاعدة دييغو غارسيا القريبة من جنوب إيران، «ايييه» تلك الأيام تشبه هذه الأيام تماماً في أجوائها بفارق أننا خبرنها وعهدناها لذلك ردة فعلنا مختلفة تماماً.

ولمن لم يعش تلك الأيام نقول له إنه كم خوفونا من صواريخ صدام وكيماوي صدام خاصة بعد أن هدد دول الخليج إن انطلقت منه طائرة تهدد سماء العراق فإنه سيمحو دول الخليج من على الأرض تماااااااماً كما تفعل إيران الآن سبحان الله الناس لا تتعظ!

وارتعبنا وأخذنا استعداداتنا لمواجهة الكيماوي فماذا فعلنا؟ اشترينا كمامات ورقية من الصيدليات تلك التي لا تمنع الغبار فكيف ستتصدى للكيماوي لا أدري؟ فقيل لنا ضعوا فحماً في داخله فإنه يمتص الغازات! فقمنا بشراء الفحم ودقه لتنعيمه ثم لففناه في خرق كي يتوسد الكمامة.. مأساة قلة الخبرة، (احنا وين والحرب وين؟)

وقيل لنا سدوا النوافذ باللازق حتى إذا ما حصل انفجار لا يتطاير الزجاج، وخلال ساعات نفذت جميع أنواع اللازق (شلوشن) من الأسواق والبرادات، ثم قيل لنا ضعوا دجاجات في الحوش فإذا سقط الصاروخ راقبوا الدجاج إذا بقي حياً فالأجواء آمنة ولم تمت بالكيماوي وتستطيعون الخروج، مساكين الدجاج ما ذنبهم، لكنها السذاجة والطيبة البحرينية وبساطتنا.

وقيل لنا خزنوا المواد الغذائية وفي دقائق نفذت الأرفف في البرادات وخزنا كل أنواع اللوبيا والفاصوليا الحمراء والخضراء والبيضاء!!! المهم حين أطلقت أول صفارة إنذار نزلنا في الغرفة التي من المفروض أنها محصنة وأغلقنا الباب وانتظرنا أن يحدث شيء طبعاً لا سوشل ميديا ولا محطات ومحظوظ من نجح في تثبيت قناة السي إن إن، الشاهد كأي عائلة بحرينية لابد أن نفرش السفرة ونأكل ونحن نتابع تلفزيون البحرين والمذيع يقول أطلقت صفارة الإنذار، ثم بعد قليل يقول المذيع زال الخطر فأردنا أن نأكل بعد أن زاد الخطر أقصد زال الخطر فانتبهنا إلى أننا نسينا (المقراض) فتاحة العلب! احنا ويين والحرب وين؟

الخلاصة في اليوم الثاني خرج البحرينيون ومارسوا حياتهم الطبيعية بل كانوا يصعدون الأسطح لمراقبة الصواريخ وهي تطلق من الظهران ونجت الدجاجات ونجونا وكل التهويلات مرت دون أن تحدث.

اللهم احفظنا وآمنا في أوطاننا و(هابي وكيند).