قال الله تعالى «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى».

وقال رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام: «لا تشد الرحال إلا لثلاث مساجد، المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا».

وارتباط الوطن العربي ببعضه البعض من قديم الزمان، وقد وثق الله سبحانه وتعالى هذا الارتباط وجذره في سورة قريش، وترتيبها في القرآن الكريم 106، وكانت الشعوب والقبائل العربية تنتقل منذ الماضي البعيد، من بلد إلى آخر، بلا جوازات سفر، ولا إثبات هوية، للتجارة، أو زيارة أهل، أو لطلب علم، أو للسياحة الدينية، وكلما كانت الأرض تتمتع بأسباب العيش والإقامة فيها، والتي من أهمها الماء والأمن، تستقر فيها تلك القبائل الرحل، وتتخذها وطناً، وتعاقبت على كثير منها شعوب وقبائل، وتأسست على هذا المنوال دول وبرزت قيادة تتولى السلطة، وتفرض سلطتها وهيمنتها، فإن كانت تلك السلطة حكمت بالعدل، دام ملكها، فالعدل أساس الملك، حتى وصلنا إلى العصر المعيش، وأصبح لكل دولة حدود، أي إقليم وشعب وقيادة، ووثقت هذه الدولة نفسها في المواثيق الدولية. ولا يمكن عدالة أن تعتدي دولة على جارتها أو على دولة بعيدة عنها، وتنتزع الشعب من أرضه، وتلقي قيادته المعترف بها دولياً بالقوة العسكرية، ولذلك فإن غزو العراق لدولة الكويت، يكون دليلاً واضحاً على ما أقول. هذا المبدأ الأممي، إذا طبق تطبيقاً عادلاً بحذافيره، فلن نرى حروباً في حاضرنا وفي المستقبل وإلى الأبد.

عندما قامت الحرب العالمية الأولى بين عامي 1914، و1918، بين الحلفاء وأهمهم بريطانيا وفرنسا والدولة العثمانية، كانت للحلفاء نوايا مبيتة ضد الوطن العربي، الذي أغلب دوله تحت السيطرة العثمانية، تلك النوايا هي إقامة دولة لليهود في فلسطين حسب وعد بلفور، وتوزيع الغنيمة العثمانية بعد الهزيمة، بين فرنسا وبريطانيا، ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، ليتسنى تحقيق ذلك الوعد، وتحقق ذلك في عام 1948، واعترفت دول عظمى بإسرائيل كدولة في الساعات الأولى من إعلانها!!

ومنذ ذلك الإعلان، عانى الشعب الفلسطيني القتل، والتشريد، مما اضطره إلى الهجرة إلى ما جاوره من البلاد العربية، حتى وصل فوج منهم إلى البحرين. وأصدرت بريطانيا وهي الدولة المنتدبة على فلسطين، عدة كتب أطلق عليها الكتب البيضاء، - مع أنها تخلو من البياض -، وأهم تلك الكتب كتاب التقسيم، أي تقسيم فلسطين إلى قسمين، قسم لليهود المهاجرين، وقسم للفلسطينيين أصحاب الأرض الشرعيين، ورفض هذا التقسيم من قبل الدول العربية ومنها البحرين ومن الفلسطينيين أنفسهم، ومن دول أخرى أيضاً، مثل إسبانيا.

وقامت حرب 1956، ثم حرب 1967، التي استولت فيها إسرائيل على شبه جزيرة سيناء والضفة الغربية وهضبة الجولان، وما زالت دولة إسرائيل تتمدد، حتى استولت على هضبة الجولان وعلى أراضي فلسطين، وهي أراض ضمن الدولة الفلسطينية الموعودة، حسب المواثيق والقرارات الأممية ومجلس الأمن الصادرة بعد حرب 1967، وهي الآن تريد ضم غور الأردن وشمال البحر الميت مع أنها أراض لدول عربية قائمة وأعضاء في الأمم المتحدة، كما إن الدول العربية أصدرت مبادرة لإنهاء النزاع تحت مسمى الأرض نظير السلام. الدول العظمى عليها مسؤولية كبرى لإنهاء الشره الإسرائيلي، ووضع حدود له يصون السلام العالمي، وتعايش شعوب العالم كلٌ في إقليمه، مع التعاون من قبل الجميع بتطبيق المواثيق الدولية، ولمملكة البحرين مواقف مشرفة مساندة لنيل الشعب الفلسطيني حقوقه الشرعية كاملة، وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وانسحاب إسرائيل إلى حدود ما قبل حرب 1967.

ولم تتوان مملكة البحرين طوال تلك السنين من عام 1948 وإلى الآن عن واجبها القومي والإنساني لحظة واحدة، وتقديم الدعم السياسي والمالي والمعنوي، والمساهمة في تعمير البنى التحتية التي تمس المواطن العربي الفلسطيني، وتشد من أزره وحفظ كرامته، والمسؤولية الكبرى تقع على الدول الكبرى التي تملك حق النقض، أن لا تقف حجر عثرة ضد مشروع أممي يحق الحق، وينصف شعباً مقهوراً من نيل حقه، وهنا يجب أن نشيد بالمواقف الشجاعة التي اتخذتها دول كثيرة، ودول الاتحاد الأوروبي، المناهضة لسياسة إسرائيل والتي تهدف إلى ضم أراض هي جزء من دول عربية قائمة، وتمثل اعتداء سافراً على حقوق الغير بالقوة.

* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق، وناشط اجتماعي