نواصل في الجزء الثالث من المقال حديثنا عن الفنانة التشكيلية كوثر الشريف. بعد العرض التاريخي السابق ينبغي ذكر بعض الملاحظات عن الفنانة وأعمالها، أولها، أن الفنانة ثقفت نفسها في مجال الفن وطورت تعليمها في الفن التشكيلي واعتمدت على موهبتها وحصلت على مزيد من الثقافة الفنية في أحد معاهد نيويورك للفنون.
الثانية، أن الفنانة موهوبة بحكم تكوينها ولهذا سلكت منهجاً متعدداً في الرسم وقدمت أنواعاً وألواناً متطورة اتسمت بالجرأة والإبداع، فقدمت فناً مبتكراً لمهارتها وريشتها الجريئة.
الثالثة، كانت الفنانة قارئة للتاريخ والحضارة واشتهرت بالقراءة السريعة وخاصة الانسكلوبيديا حيث تعرفت على أعمال الكثير من الفنانين من مختلف الدول ولكنها لم تتأثر بشخصية معينة ولم تتبع مدرسة معينة، وإنما اتبعت منهجها الذاتي في الألوان والأشكال.
الرابعة، خبرتها، دراستها التاريخية حيث حصلت على ليسانس آداب وتربية من كلية التربية بجامعة عين شمس بقسم التاريخ. وثانيها فكرها التربوي وخبرتها في التدريس ومعرفتها المباشرة بأحوال المرأة والشباب والفقراء ومعاناة شعب فلسطين، وثالثها، الحياة خارج مصر في دول متعددة على مدى خمسين عاماً مع زوجها الدبلوماسي الذي عمل في المجال الدبلوماسي ثم مستشاراً للدراسات الاستراتيجية والدولية بمركز البحرين للدراسات والبحوث وفي مركز «دراسات» ثم مستشاراً للدكتورعبداللطيف الزياني أثناء فترة ترشيحه لمنصب أمين عام مجلس التعاون الخليجي، ثم مستشاراً لمعالي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة لثماني سنوات للتحليل السياسي الاستراتيجي للقضايا الوطنية والإقليمية والدولية ذات الصلة. وقد بدأت الفنانة حياتها الدبلوماسية مع زوجها في الأردن ثم الكويت ثم الإمارات العربية المتحدة ثم النرويج فالهند ثم نيويورك حيث الأمم المتحدة ثم مندوباً دائماً بالجامعة العربية ثم سفيراً بالباكستان. وهي جميعاً بلاد ذات حضارات عريقة.
الخامسة، رغم اطلاع الفنانة كوثر الشريف على التراث الفني العالمي إلا أنها كانت مبدعة فلم تتبع لون أي فنان من المشهورين أو أية مدرسة رغم معرفتها بالمدارس الفنية وركزت على ثلاثة أمور، أولها المبادرة والهواية والموهبة الطبيعية في اختيار الموضوعات والرسوم والألوان، وثانيها الانتقال من حضارة لأخرى فبدأت بالحضارة المصرية الثرية من حيث بلدها ووطنها ثم بالحضارة الصينية ثم بالمشاكل السياسية والاجتماعية في العالم العربي مثل قضايا المرأة والطفولة وفلسطين، ولوحاتها تقرأ بدون أسماء فهي تعبر عن معايشتها للتطورات السياسية والأمنية في العالم المعاصر، كما ركزت على البعدين الاجتماعي والثقافي والإنساني وتأثير ذلك كان جلياً على بعض لوحاتها مثل التصحر والجفاف وتغير المناخ. وثالثها، تحولت الفنانة من المؤثرات الوطنية المصرية إلى العالمية معتمدة على الموهبة والإبداع الذاتي والإحساس بالألوان والرسومات ومشاركتها في معارض للطفولة والأمومة في البحرين وفي مصر ومشاركتها في بعض معارض مجموعة زوجات الدبلوماسيين المصريين في القاهرة أو العرب والأفارقة في الخارج، وهذا أمر يمثل تحدياً للكاتب والفنان والدبلوماسي. وللحديث بقية.