نواصل في الجزء الثاني من المقال حديثنا عن العنف والإرهاب ضد الدبلوماسيين ورجال الدين والأمن والدفاع.
إن المبادئ القرآنية واضحة الدلالة في سياقها التاريخي، والنهي فقط عن التحالف مع غير المسلمين الذين يحاربون المسلمين في دينهم ويخرجونهم من ديارهم، وينهي القرآن الكريم المسلمين أن يتحالفوا معهم، ولكنه في نفس الوقت يركز على المبدأ السامي الرئيس في الإسلام وهو مبدأ العدالة والقسط ويرفض الظلم وأشباهه. فالله هو العادل والمقسط، ويحب العادلين والمقسطين لإخوانهم ولاعدائهم. وهو ما يثبت عظمة ووضوح مثل هذا القول الذي أنزله الله سبحانه وتعالى كأوامر للمسلمين آنذاك وعبر العصور.
الحادث الرابع: اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات في أكتوبر 1981 عندما كان في احتفال بذكرى حرب 6 أكتوبر 1973 التي انتصر فيها الجيش المصري على إسرائيل وطردها من جزء من سيناء وفتح الطريق لعملية سلمية على غرار ما فعله النبي محمد عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية عندما حاول دخول مكة معتمراً وفرض عليه كفار مكة شروطاً أثارت بعض الصحابة الكرام ومن بينهم عمر بن الخطاب، ولكن النبي قبل الشروط عندما رفض المشركون السماح له بدخول مكة مسالماً ومعتمراً، لأنه مأمور من الله بالسلام وليس بالحرب والقتال ضد البشر حتى وهم أشد الأعداء والمشركين بدون مبرر منطقي وفقاً لتعاليم الإسلام الحنيف. وقد لعبت المرأة المسلمة السيدة أم سلمة زوج النبي آنذاك دورها في تقديم الرأي الصائب للنبي عندما وجدته متأثراً من آراء ومواقف بعض أصحابه. فوجد النبي بحكمته أن ما ذكرته أم سلمة عين الصواب ويتماشى مع روح الإسلام ويتسم ببعد النظر، وهذا ما حدث بعد ذلك من فتح مكة وإعلان الانتصار الإسلامي، وفي نفس الوقت أعلن النبي الكريم الصفح عن الأعداء من أهل مكة الذين حاربوه وطردوه وطردوا أصحابه، فأعلن التسامح والعفو والصفح عن الجميع وفي مقدمتهم أبي سفيان بن حرب أكبر أعدائه آنذاك. هذا هو الإسلام، وهذا هو سلوك النبي محمد بن عبدالله النبي الكريم والمدرك تماماً لتعاليم الإسلام، ولذا قال الله تعالى في القرآن الكريم نصاً ذا دلالة وخلاصته التوجيه الرباني القائل «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».
إننا بحاجة للعودة لفهم القرآن الكريم وسلوك النبي الأمين كما هو، وكما كان في عهده، وليس لاجتهادات أنصاف العلماء وأنصاف المتعلمين وأصحاب الطموحات السياسية الفاسدة.