أحدثكم بقلب مفتوح وبتجرد تام ولا أعرف غالبيتكم، غايتي هي تطور التجربة الديمقراطية وتطور أدائنا وأدائكم معاً.

نعذركم لبعض الارتباكات التي حصلت في الجلسة الأولى وما قبلها وما بعدها، فالتجربة حديثة لغالبيتكم والارتباك واللبس وسوء الفهم أمر طبيعي جداً ومتوقع، وبالتأكيد ستكسبون الخبرة المطلوبة في وقت قصير إن شاء الله.

إنما نتمنى منكم التالي من أجل صالحكم جميعاً ومن أجل الصالح العام، أن تعوا أولاً أن هيبة السلطة التشريعية مسؤولية منوطة بكم جميعاً داخل وخارج المجلس، وعدم توافقكم ومزاحمتكم لبعضكم البعض كما رأينا إلى الآن وعدم التنسيق يسبب الارتباك الذي -إن كان مقبولاً في الجلسات الأولى- فإن العذر سينتفي إن تكرر الخطأ، وكما ترون الناس لا ترحم!!

ونظراً لارتباكات البدايات المتوقعة فننصح الجميع بالالتزام بجدول الأعمال وبعدم الارتجال أثناء الجلسة، على الأقل لتمر ثلاث أو أربع جلسات علنية فقط، لا لتحجيم دوركم ولا لمنعكم من ممارسة حقكم، إنما من أجل التقاط الأنفاس والإلمام باللائحة الداخلية ولتلمس مواقع التحالفات بين بعضكم البعض، وتلك مهمة تحتاج أن تقدموا لها أسبابها، ومن ثم تستطيعون أن تطرحوا مواضيعكم العامة للنقاش كما شئتم.

إن كان لدى أحدكم موضوع يود الحديث عنه وغير مدرج على جدول الأعمال عادة ما يجرى التنسيق والتشاور حوله قبل الجلسة مع الزملاء وهو ما يصعب تنفيذه الآن وغالبيتكم لا يعرف بعضه بعضاً، لذا فالارتجال سيوقعكم بالخطأ ويوقع المجلس كله باللبس والارتباك كما حدث في الجلسة الأولى، ويحرج الزملاء بغض النظر عن موضوع النقاش أو طبيعة الطلب المطروح، حتى لو كان الموضوع المرتجل ذا وجاهة وممتازاً وجيداً وجميلاً ومطلوباً و و و و، إنما جهل غالبيتكم في الإجراءات المطلوبة، وأضع خطين تحتها، سيسبب لهم الإرباك، بغض النظر عن اتفاقكم على الموضوع من حيث المبدأ إنما جهلكم بالإجراء سيظهركم وكأنكم مترددون على الموضوع المطروح لا على الإجراء، وسيخلق سوء الفهم بين من طرح الموضوع والبقية مما سيوغر صدور بعضكم على بعضكم وعلى من أوقعهم في حرج وسيحرجكم أمام الناس.

«أكرر بغض النظر عن وجاهة الموضوع المطروح للنقاش كما حدث أمس، إذ لا أحد يجادل أو يجرؤ على التقليل من مكانة الشهيد، وما حصل من إرباك كان حول سلامة الإجراء، لا على المكانة المقدسة الرفيعة للشهيد والتي تعلونا جميعاً».

الموضوع الآخر قصة العرائض والتواقيع ونشر أسماء من وقع ومن لم يوقع، أعزائي النواب تلك ليست شطارة أبداً، مرة أخرى بغض النظر عن الموضوع، نحن نتكلم عن الفارق بين الجدية و»الفهلوة» أياً كان الموضوع الذي تريدون تغييره أو تعديله أو طرحه فيستحسن أن تأخذوا الأمور بجدية لا باستخفاف، تتدارسون فيها أنجع الأدوات المتاحة لديكم وأفضلها وأجدها لتفعيل رغبتكم، وهذا يتطلب مرة أخرى السؤال والاستفسار والبحث عن الجادين وصياغته واختيار الأداة المناسبة والاستعداد لعمل حملات إعلامية تسبق الأداة لتشكل معكم أداة ضغط، أما شغل «الجلا جلا» ومن وقع ومن لم يوقع فلا يزيدكم إلا....

الموضوع الآخر هناك لائحة داخلية لضبط الأداء حتى خارج القبة ونذكر للمرة الثانية أن ما كان مقبولاً من باب الحرية الشخصية لبعضكم خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، قد يصلح لتلك المرحلة إنما لا يصلح أبداً أبداً أبداً ولا يتناسب مع مكانة نائب الأمة، بل إن بعض ما يصور من «بوستات» يتصادم مع هيبة هذه السلطة واستحقاقاتها ويعد مخالفاً للائحة الداخلية التي تلزم النائب باحترام مكانة التشريع، ولا تجدي هنا مسألة حسن النية وطيب السريرة، لذلك نتمنى من معالي الرئيس والأمانة العامة ومعهم المستشارون القانونيون بإطلاع السادة النواب على بعض المخالفات غير المقصودة والناجمة من قلة الخبرة وحداثتها.

ثالثاً؛ إن أولوياتكم الآن تتركز في تأسيس التكتلات داخل المجلس والتي سيجد الواحد منكم نفسه بحاجة لزملائه بأسرع مما يتصور، لذلك ابتعدوا الآن عن التزاحم على «النجومية» التي جعلت بعضكم يتدافع مع زملائه لإظهار نفسه أكثر التصاقاً بالناس من غيره ويباعد المسافة بينه وبين زملائه وتلك ليست شطارة ولا ذكاء، بل تسرع وقصر نظر.

رابعاً؛ انسوا أنكم نجوم سوشل ميديا للحظة، تلك حالة ليست لها ضوابط ولا لوائح وهنا الحديث لا عن نائبة فقط بل عن عدة نواب، الأمر يحتاج إلى بعض الهدوء والتماسك على الجبهة الداخلية، إلى أن تستقر أوضاعكم إلى أن تشكلوا تكتلاتكم، الأداء الفردي مطلوب إنما ليس الآن، إنه يسيء لكم ولا يخدمكم، نعلم أنكم وعدتم متابعيكم بإطلاعهم على كل أموركم وأنكم لن تخفوا عنهم شيئاً، وهذا أمر محمود، إنما هذا التخبط الحاصل الآن نتيجة العمل الفردي، ونتيجة الانفراد ونتيجة تشكيك المواطنين بنزاهة زملائكم، وقريباً لن يجد أحدكم خمسة يوافقونه للتقدم بأي مقترح أو لطلب لتشكيل لجنة تحقيق أو لتمرير أي تعديل أو لمنع تمرير قانون حكومي، لن يستطيع أن يعقد أي تحالف حتى داخل لجنته، هنا السيئة ستلحق بالجميع لا بفرد منكم.

ليتذكر الكثير منكم أنكم حاسبتم من سبقكم حساباً عسيراً وبعضكم ظلم من سبقه وبعضكم لم يؤسس لمعايير قياسية موضوعية وهو يحاسب من سبقه، ونسي أو لم يتوقع أنه ربما سيجلس على ذات المقعد وأنه قد يقف خلف نفس جدران المحاسبة، وسيحاسب بذات المعايير الظالمة التي قبل أن يحاسب بها غيره، فإن وجدنا لكم العذر اليوم، فعسى الله أن يكون في عونكم غداً!!