- شاكر جلاله: الرشوة الانتخابية مجرّمة بحكم القانون

..

ريانة النهام

اختلف مشائخ دين في تحريم "الرشوة" المقدمة من المترشحين إلى الناخبين بغرض كسب أصواتهم، حيث رأى مدير المعهد الديني الشيخ هشام الرميثي عدم جواز منح الرشوة بغرض كسب صوت الناخب.

فيما قال رئيس الأوقاف الجعفرية محسن العصفور إن ما يتم منحه من عطايا بغرض شراء الأصوات مباح ومشروع إذا كان الغرض منه نبيل واتصف المترشح بالصدق وكان كفؤاً للوصول لقبة البرلمان لخدمة الناس بأمانة وإخلاص.

وتابع العصفور: "أما إذا كان كاذباً ومحتالاً وله أغراض ونوايا غير شريفة وله أهداف لا تتم إلى خدمة الناس بصلة، فعمله محرم ويتعارض مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم "كلكم رعاة وكلكم مسؤول عن رعيته"، وما روي عن الأمام علي "أوصيكم بنظم أمركم وإصلاح ذات شأنكم".

ولفت إلى أنه ليس كل مايدفع لناخبين من أموال عينية أو نقدية محرمة، فذلك لايسمى شرعاً ولا حقوقياً لأن الرشوة تختص بالرشا في الحكم أي دفع مال للقاضي أو من في حكمه لاستمالته لإصدار الحكم في صالح الراشي وتفويت الحق عمن له الحق، أو بقصد الإضرار بشخص ما.

ويضيف العصفور "أما ما يدفع من عطايا وهدايا لاستمالة قلوب الناس فالأصل في الهدية جلب المحبة كما في قول الحبيب المصطفى"تهادوا تحابوا" فنقول أنها مباحة ومشروعة".

وأشار إلى أن الناخب الذي يعد المترشح بعد استلام العطايا والهدايا بالتصويت له وفي نيته غير ذلك، فإنه فعل محرم لأن المؤمن إذا وعد يجب عليه الوفاء بما وعده، لافتاً إلى أنه من أبرز صفات المؤمن أنه لا يكذب ولايغدر ولايخون فيأثم قطعاً.

أما هشام الرميثي فأوضح أن من يريد أن يوزع الصدقات والزكوات فتوجد لها أوقاتها، وهي تمنح في أي وقت وأي مكان، والرسول صل الله عليه وسلم بين في حديث "اتقي الشبهات فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه".

ويضيف: "ينبغي أن يبتعد الإنسان عن مواطن الشك والريبة، فالشبهات لها باب واسع في كل شيء مثل المعاملات والبيع والشراء وغيرها الكثير، واليوم نحن كاستحقاق نيابي لا نريد إلا الأصلح والأفضل والأوسع".

وأشار إلى وعي الشعب البحريني في التجربة البرلمانية، رغم تواجد بعض المترشحين الذين يستغلون حاجة الناس الفقراء.

وتابع: "نحن نطالب بتوفير خط ساخن للجهات المعنية، للإبلاغ عن كل مرشح يثبت عليه أنه يمنح رشاوي مثل توزيع المكيفات أو الثلاجات، وأن يتم حرمانه من دخول الترشح أو دخول قبة البرلمان"، لافتاً إلى أن بعض الاخفاقات التي حدث تعود لإيصال الشخص غير المناسب للمجلس.

ولفت إلى أن حكم الرشوة في الإسلام غير جائز، فالله لعن الراشي والمرتشي، ويضيف: "الناس بدأت تتلاعب بالمصطلحات والألفاظ فالبعض يقول بأنها هدايا أو تعد رد جميل، لكنها في الحقيقة تعد في الأخير رشوة، ونحن نلاحظ أنها لا تعطي إلا في الأوقات الحرجة وللجميع حتى من هو غير محتاج بغرض كسب صوته".

الرأي القانوني

من جهة أخرى أوضح المستشار القانوني شاكر جلاله، أن المادة (25) من مرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب نصت على "يحظر على أي مرشح أن يقدم من خلال قيامه بالدعاية الانتخابية هدايا أو تبرعات أو مساعدات نقدية أو عينية أو غير ذلك من المنافع أو يعد بتقديمها لشخص طبيعي أو اعتباري سواء كان بصورة مباشرة أو بواسطة الغير.

كما يحظر على أي شخص أن يطلب مثل تلك الهدايا أو التبرعات أو المساعدات أو الوعد بها من أي مرشح كما يحظر على المرشح تلقي أية أموال للدعاية الانتخابية من أية جهة كانت".

ولفت إلى أنه من منطلق نص المادة السابقة، إلى أن أهم الجرائم التي قد تشوب العملية الانتخابية والتي تؤثر على إرادة الناخبين هي جريمة الرشوة الانتخابية، وتابع:" إعمالاً لقاعدة أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" فإن جريمة الرشوة قد نص عليها المشرع البحريني في قانون العقوبات البحريني مرسوم قانون رقم (15) لسنة 1976 من المواد (186) حتى المواد (193)".

ونصت المادة (186) من قانون العقوبات البحريني "يعاقب بالسجن كل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة طلب أو قبل لنفسه أو لغيره عطية أو مزية من أي نوع أو وعدا بشئ من ذلك لأداء عمل أو للامتناع عن عمل إخلالا بواجبات وظيفته .فإذا كان أداء العمل أو الامتناع عنه حقا تكون العقوبة السجن مدة لا تجاوز عشر سنوات".

وشمل نص المادة (187) من قانون العقوبات البحريني (يسري حكم المادة السابقة ولو كان الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة يقصد عدم أداء العمل أو عدم الامتناع عنه)، والمادة (188) من قانون العقوبات البحريني (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات كل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة طلب أو قبل لنفسه أو لغيره عطية أو مزية من أي نوع عقب تمام العمل أو الامتناع عنه إخلالا بواجبات وظيفته فإذا كان أداء العمل أو الامتناع عنه حقا تكون العقوبة الحبس".

وذكرت المادة (189) من قانون العقوبات البحريني، (يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز خمس سنين كل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة طلب أو قبل لنفسه أو لغيره عطية أو مزية من أي نوع أو وعدا بشئ من ذلك ، لأداء عمل أو للامتناع عن عمل لا يدخل في أعمال وظيفته ولكنه زعم ذلك أو اعتقده خطأ ).

ونصت المادة (190) من قانون العقوبات البحريني ( يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من عرض على موظف عام أو مكلف بخدمة عامة – دون أن يقبل منه عرضه – عطية أو مزية من أي نوع أو وعدا بشئ من ذلك لأداء عمل أو للامتناع عن عمل إخلالا بواجبات وظيفته)

وبينت المادة (191) من قانون العقوبات البحريني ( يحكم على الجاني في جميع الأحوال المبينة في المواد السابقة بغرامة تساوي ما طلب أو قبل أو وعد به أو عرض ، على ألا تقل عن مائة دينار )، وبينت المادة (192) من قانون العقوبات البحريني (يحكم فضلا عن العقوبات المبينة في المواد السابقة ، بمصادرة العطية التي قبلها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة أو التي عرضت عليه).

ونصت المادة (193) من قانون العقوبات البحريني ( إذا بادر الشريك بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بالجريمة ، أو اعترف بها قبل اتصال المحكمة بالدعوى ، عد ذلك عذرا مخففا ويجوز للقاضي إعفاؤه من العقوبة إذا رأى محلا لذلك).

وقال إن جريمة الرشوة تقتضي وجود شخصين فذلك الموظف في جريمة الرشوة في مجال الوظيفة العامة الذي يقبل ما يُعرض عليه من فائدة أو يطلب شيئاً من ذلك مقابل قيامه بعمل أو امتناعه عن عمل، هو نفسه الناخب في جريمة الرشوة الانتخابية الذي إما أن يطلب منه الإدلاء بصوته مقابل الفائدة التي سيتحصلها أو يطلب الفائدة نتيجة قيامه بالإدلاء بصوته ، الشخص الثاني (المرشح أو الوسيط) هو الذي يقدم الهدية أو الوعد للشخص الأول ليؤدى له العمل المتفق عليه.

وأشار المستشار إلى أن جريمة الرشوة الانتخابية لها أشكالاً وصوراً مختلفة ومتعددة فقد تكون الرشوة نقدية مقابل مادي ولا يقتصر مدلول المنفعة على المعنى المادي فحسب قد تكون عينية كالأشياء الغير مادية كحصول الناخب على وظيفة أو في صورة أخرى رمزية.

ويضيف: "لا يشترط لتحقيق جريمة الرشوة الانتخابية أن تكون الفائدة ذاتها مشروعة ولكن قد تأتى في صورة غير مشروعة مثل إعطاء المواد المخدرة ولا يمكن حصر أشكال وصور جريمة الرشوة الانتخابية لتعددها وتنوع الأساليب التي قد يلجأ إليها مرتكبوها".

وأكد أن أغلب التشريعات عاقبت على جريمة الرشوة الانتخابية وشددت على تحديد سقف مالي محدد للحملة الانتخابية مع ضرورة إبراز المرشح لكشف مالي حول إيرادات ومصروفات الحملة الانتخابية، حمايةً وصوناً للعملية الانتخابية من أية خروقات قد تشوبها أو تؤثر في إرادة الناخبين، ولتقويض سطوة المال على مقدرات المعارك الانتخابية.