- المرأة العربية لها تاريخ نضالي طويل من أجل أخذ حقوقها

- المجتمع العربي يفتقر للمرأة في مجالات السير والتدبير

- الرغبة وحدها لا توصل المرأة للعمل سياسي فالقدرة والمال والدعم عوامل مؤثرة

- لدينا نساء يعارضن السيدات في أي مكتسب والناخبات رهان المستقبل

- نريد تعديلات جوهرية على بعض القوانين وجرأة في بعض المواقف

سماح علام

سيدة مغربية ذات تاريخ نضالي سياسي واجتماعي طويل.. خاضت المعترك السياسي في انتخابات 2011 حيث انتخبت نائب برلماني وكانت وكيلة اللائحة الوطنية لحزب الاتحاد الاشتراكي عن الولاية البرلمانية "2011 - 2016".. حلت ضيفة على جمعية المرأة البحرينية في منتدى المرأة في المجال التشريعي الذي عقد قبل يومين.

هي رئيسة اتحاد العلم النسائي المغربي ومديرة جريدة 8 مارس النسائية وهي أول جريدة نسائية فتحت الملفات الكبرى للمرأة المغربية، كما تعتبر إحدى الناشطات اللواتي ناضلن من أجل تغيير مدونة الأحوزال الشخصية.

وأسفر هذا النضال عن صدور مدونة الأسرة سنة 2004، إلى جانب مساهمتها في تحرير كل المذكرات التي رفعها اتحاد العمل النسائي للمطالبة بالحقوق السياسية..

"الوطن"، انفردت بلقاء مطول معها على هامش مشاركتها في المنتدى، حيث تطرح خلاصة تجربتها في المعترك السياسي، لتقدم لنظيرتها البحرينية مفاتيح تغيير قد توظفها لدعم مسيرتها في الانتخابات القادمة، لتتوقف عند هذه السيدة ثرية التجربة..بآرائها الصريحة.. لتعرضها في سياق هذا الحوار.. فإلى تفاصيله..

- خضتي المعترك السياسي ونجحتي في انتخابات المجلس النيابي بالمغرب..كيف تقيمين واقع المرأة في المعترك الانتخابي بين التجربتين المغربية والبحرينية؟

خاضت المرأة العربية قرن من النضال من أجل الوصول إلى مواقع صنع القرار في الهيئات المختلفة، وتكاد تكون التحديات التي تواجه المرأة العربية واحدة في ظل بعض الاستثناءات البسيطة لكل بلد، ولابد من أن نقول إنه لا شيء يعطى للمرأة بسهولة.. بل كل مكتسب تحصل عليه هو نتيجة لنضالها وإصرار وبمطالباتها.

المجتمع يفتقر لوجود المرأة في مجالات السير والتدبير السياسي، فالمرأة من الصعب عليها الوصول إلى السلطة التشريعية مقارنة ببعض دول العالم المتقدم، وهناك بعض الدول التي حققت قفزات ولكن لا يزال مشوار المرأة طويلاً ويتطلب التكاتف والعمل الجاد والضغط من أجل التغيير والتحسين.

في المغرب بقي المجلس النيابي رجالياً لمدة 30 سنة، ثم دخلت المرأة بسيدتين، والآن نحن متواجدات 81 امرأة من أصل 400،، فنحن نشكل 21 % ولكننا لم نصل للمعدل الدولي وهو 25 %، فمن أجل أن نؤثر في السياسات يجب أن نكون أكثر من الثلث.

مفاتيح الفوز وأهمية التكوين

* كيف تصل المرأة لنيل ثقة الناخب..وهل يعتبر ضبط هذه المعادلة أمراً صعباً؟

هي عملية معقدة، ولكن هناك مفاتيح كثيرة، تبدأ بثقة المرأة بنفسها ومن ثم ثقة النساء ببعضهن البعض، ثم إيمان النساء بأهمية انتزاع حقوقهن، فليس الأشكال أشكال كم، بل أيضاً أشكال نوع.

فمن خلال التجربة المغربية ليست كل النساء يدافعن عن قضايا النساء، فكثير من النساء تصطف مع أحزابهن في القضايا المختلفة، وبالتالي ليست كل امرأة مدافعة عن حقوق المرأة.. نتمنى تعزيز استقلالية المرأة، فغيابها عن مواقع صنع القرار، يحتاج إلى إشاعة حقوق المرأة وتنصيص القوانين، وتغيير العقليات لدى النساء والرجال معاً.

* ماذا عن أهمية تكوين النائبة.. إذ لا تكفي الرغبة وحدها للترشح فقط في ظل تحديات المشهد السياسي الكثيرة ؟

قد تصل المرأة من خلال آليات متعددة، منها التعليم، ومنها الاطلاع، ومنها الدراسة القانونية، ومنها العمل الأهلي، ومنها الدعم الحزبي، ولكن تبقى الأرضية والقاعدة الشعبية مهمة لوصول المرأة، ولكن السياسة اليوم وأي عمل سياسي في الحقيقة يؤثر فيه كل من القدرة والمال والدعم، فالمرأة غير موجوده في مواقع تعبئة المجتمع، وبالتالي قدرتها على فرض نفسها أقل من غيرها.

المرأة اليوم في المغرب تشكل 49 و51% من الهيئة الناخبة، ولكن هذا لا يكفي لتوصيل صوت النساء مع الأسف، وهو ما نواجهه أيضاً مع الرجال بالمثل.. فالإقناع مسألة معقدة ولكننا ندعم التوجه لمقياس الكفاءة واختيار الأصلح.

العمل النسائي نفسه طويل

* ما رأيك في العمل النسائي من خلال مشاركتك بالمنتدى الإقليمي المرأة في المجال التشريعي ومن خلال اطلاعك على الواقع البحرينية؟

أحيي النساء البحرينيات على مجهودهن لاقتحام هذا المجال الذي ليس سهلاً، فهو يتطلب التفرغ والعمل والكفاءة، والنساء لهن كل القدرة على التواجد وفرض الذات.. ففي الوقت الذي كافحت فيه النساء من أجل سياقة سيارة في بعض الدول، إلا أن المرأة البحرينية قد تجاوزت ذلك بمراحل، والبحرين لديها تميز في وجود أحزاب، ونقابات، ومعارضة، وكل ذلك يشكل آليات للخبرة السياسية التراكمية.

* ما الذي أضافته لخماس للبرلمان المغربي، وإلى أي مدى أضاف البرلمان إليها؟

عملت بكل إمكانياتي للقيام بدوري في المجال التشريعي، ولتعديل الكثير من القوانين العامة والقوانين المتعلقة بالمرأة والأسرة، وقد كان تواجدنا مؤثراً، ولكننا لا نزال نريد المزيد.

لقد ترشحت في دائرة وطنية وليس في دائرة داخلية، كان لدينا مشكلة في وجود عدم رضا من أداء العمل، فأغلب القوانني تقدم لنا من الحكومة، لا العكس.. ولكن كان هناك تقدير لعمل المرأة وتعاون معها في العموم.

المرأة والبرلمان

* برأيك هل البرلمان شريكاً أم نداً للحكومة؟

البرلمان ند للحكومة في العمل الرقابي ولكن أيضاً شريك لتحقيق مصلحة الوطن، فالاستقلالية مهمة وتنمية المجتمع أمر مطلوب في جميع الدول العربية، نريد تشريعات تخدم المواطن، ونريد تعديلات جوهرية على قوانين، ونريد جرأة في بعض المواقف، لذلك نريد صراعاً سياسياً واختلافات هادفة تحقق الفارق في حياة المواطن العربي، لاسيما وأن الحكومات تعتمد على أغلبيتها في تسيير الأمور بالشكل الذي تريده.. ولكننا نطمح إلى تبادل وتعاطي مختلف مع أطروحات البرلمانيين من أجل مستقبل أقوى سياسياً.

* إلى أي مدى تعتبر التجربة الديمقراطية صمام أمان لنهضة المجتمعات، وكيف ترين مسؤولية الناخب والمجتمع للإسهام في تقويتها ونضجها؟

أولاً نريد شرحاً تفصيلياً للمهمة التشريعية ..ونريد قوانين تحدث تأثيراً حقيقياً، وتعديلات جوهرية على قوانين غير ملائمة .. ففي أمريكا أحياناً يقف الحزب بموقف الرافض لأطروحات الرئيس، ولكنه يقوم بمحاولات إقناع وهذا الحراك مطلوب وصحي، وهذا ما نتحدث عنه من الشد والجذب، والتأثير.

لذلك نقول، إن الحياة الديمقراطية أساس تنمية المجتمع، ولا نهضة حقيقية دون وجود برلمان يوصل صوت الشعب، فالملاءمة بين الميزانيات والطموحات هي الفيصل وهي التحدي، ولكن بقاء البرلمان هو أساس تحقيق الأفضل، من هنا نقول إن إسهام المجتمعات وتعزيز المشاركة واختيار الأكفأ أمر مطلوب لدعم أي مسيرة ديمقراطية في أي دولة كانت.

تجارب تثري العمل السياسي

* ذكرتي في ورقتك التي قدميتها بالمنتدى، أن التطور التاريخي لمشاركة النساء في المجالس المنتخبة أساس وصولهن واستمرارهن في هذا المجال.. هل لنا بتوضيح مختصر لهذه التجربة؟

الفارق الحقيقي كان بفضل نضالات الحركة النسائية بشقيها السياسي والجمعوي وترافعها المستميت، الذي أمكن الوصول إلى صيغة اللائحة الوطنية الخاصة بالنساء على أن لا تتعدى 30 امرأة إضافة لإمكانية ترشيح النساء في اللوائح الإقليمية للجنسين. وبفضل هذه اللائحة وصلت ثلاثون امرأة لمجلس النواب عن طريق اللائحة الوطنية وخمس نساء عن طريق اللوائح الإقليمية في انتخابات مجلس النواب لسنة 2002 ، وهكذا وصلت النسبة إلى 11 %، ليتراجع العدد في انتخابات 2007 إلى أربعة وثلاثين امرأة بسبب نجاح أربع نساء فقط في اللوائح الإقليمية.

وبعد الاستفتاء على دستور 2011 الذي ن ص في الفصل 19 منه على المساواة بين الجنسين في جميع الحقوق وليس فقط في الحقوق السياسية وإحداثه لهيئة المناصفة ومحاربة كافة أشكال التمييز فقد ارتفع العدد إلى سبعة وستين امرأة، ستون عن طريق اللائحة الوطنية التي تضاعفت، وسبع نساء عن طريق اللوائح الإقليمية، أي بنسبة 17 %. لكن المغرب فقد رغم ذلك ريادته على الصعيد العربي "الجزائر31.6 %، تونس 31 %، موريتانيا 25 %" ورتب في المرتبة 109 من أصل 187 برلماناً على الصعيد العالمي.

يذكر أنه بعد دستور 2011 وفي إطار التشاور مع الأحزاب تم تخصيص لائحة للشباب الذكور في حدود ثلاثين نائباً وحرمت منها الشابات الأمر الذي دفع الجمعيات النسائية إلى الضغط لفتح هذه اللائحة في وجه الشابات لرفع هذا الميز الذي يمنعه الدستور وهو ما استطعن الظفر به في انتخابات 2016حيث فتحت لائحة الشباب في وجه الشابات أيضاً.

وبذلك ارتفع عدد النائبات إلى واحدة وثمانين نائبة، ستون باللائحة الوطنية، وعشر عبر اللائحة الإقليمية، وإحدى عشرة عبر لائحة الشباب لترتفع النسبة تبعاً لذلك إلى 21%.

وهكذا وخلال ثلاثة عشر سنة ارتفعت النسبة من 0.6 % إلى 21 % ومازال الطريق طويلاً أمام النساء والمجتمع المغربي لتحقيق المناصفة التي نص عليها الدستور، فضلاً عن نضال اتحاد العمل النسائي والحركة النسائية من أجل الحقوق السياسية للنساء التي كانت تجربة ثرية وطويلة جداً.

إسهام المرأة في تطور التشريع

بشكل تفصيلي ما الذي غيرته المرأة على أرض الواقع في البرلمان المغربي؟

تجربة النساء النائبات في المنجز التشريعي بالمغرب ثرية، ويتحدد دور البرلمان أساساً في مهمتي التشريع ومراقبة عمل الحكومة إضافة إلى الدبلوماسية البرلمانية وتقوم النائبات بمجهود مشهود لإنجاز مهامهن سواء من حيث إعداد الأسئلة الشفوية والكتابية أو المشاركة الفاعلة في الجلسات العلنية الأسبوعية والشهرية لمساءلة الحكومة والحضور والاشتغال في عمل مختلف في اللجان البرلمانية، ففي الولاية النيابية 2011 - 2016 ترأست نائبتان لجنتين من ثمان لجان وكان لنائبتين العضوية في مكتب المجلس إضافة لأمنية المجلس وترأست نائبة فريقاً برلمانياً.

ولا يفوتني هنا أن أذكر أن البرلمان المغربي يتكون من مجلس النواب ومجلس المستشارين وبهذا الأخير تترأس امرأتان فريقين بهذا المجلس.

وتصدت النائبات خاصة اللواتي ينتمين للحركة النسائية للعديد من القوانين التمييزية ضد النساء كالتعديلات التي مست مدونة الأسرة. كما تقدمن بمقترحات قوانين تتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء وعلى الإتجار في البشر وخاصة النساء والفتيات وعمال وعاملات المنازل والقانون المنظم لهيئة المناصفة ومحاربة التمييز ومجلس الطفولة والأسرة إضافة لقوانين الميزانية السنوية دفاعاً عن النساء وعن الفئات الفقيرة والمهمشة والمقصية من المجتمع المغربي.

عموماً، فالنائبات حسب تجربتي الخاصة في غياب أي دراسة لأداء البرلمانيات أكثر التزاماً بالحضور وفي إعداد وتقديم التعديلات على مشاريع أو مقترحات القوانين لكن النساء النائبات البرلمانيات لم يكن جميعاً موحدات حول القضايا التي تهم النساء إذ كان بعضهن ينحزن لأحزابهن التقليدية ضد الحقوق الإنسانية للنساء وكثيراً ما كانت تنشب معارك في اللجان وفي الجلسات العامة بين النائبات من تيارات مختلفة حول قضايا تهم حقوق النساء ومساواتهن بالرجال وحول إشكاليات التمييز والعنف كزواج القاصرات، وهو ما يستدعي اهتمام المناضلات النسائيات بالعمل السياسي وأهمية الوصول لمواقع القرار عوض الاكتفاء فقط بالترافع والضغط وصياغة المذكرات.