نتمنى أن نجد لغة واحدة تتكلم بها جميع أجهزة الدولة، ونراها تتحرك بتنسيق مسبق مع بعضها البعض، ونراها تملك رؤية واضحة لمعالجة أزمتها الاقتصادية.

لا أن تتحرك كل وزارة وكأنها جزيرة منعزلة ومنفصلة عن الأخرى، فاللغة الواحدة والتنسيق بين الأجهزة يوحي بالثقة وبالتمكن وبالسيطرة على زمام الأمور، أما ما يحدث الآن فهو يوحي بالعكس تماماً، والدليل توقيت طرح قانون التقاعد ومبرراته التي تتناقض تماماً مع أرقام الملتقى الحكومي وتتناقض مع خبر الاكتشاف النفطي.

بالأمس تكلم أحد الخبراء الاقتصاديون مبشرين بالعوائد النفطية المجزية التي تصل إلى مليار ونصف المليار دولار سنوياً، ونتمنى أن تتكلم الحكومة عن هذا الموضوع بواقعية وحقائق فعلية إذ أنه أكد ما قاله وزير النفط سابقاً "حيث بلغ احتياطي البحرين من النفط الثقيل نحو مليار برميل، إلا أنه مع الاكتشافات الجديدة للنفط والغاز يرتفع حجم الاحتياطي النفطي إلى 80 مليار برميل، وبين 10 و20 تريليون قدم مكعبة من الغاز العميق. وقد بينت الحكومة أنه ليس هناك تأكيد عن الحجم الذي يمكن استخراجه من احتياطيات النفط. وتتوقع الدولة إنتاج 200 ألف برميل يومياً من حقلها النفطي المكتشف حديثاً.

وأكد ذلك الخبير الاقتصادي الدكتور جعفر الصائغ: "إن زيادة السعودية مستقبلاً لحصة البحرين في حقل نفط أبو سعفة البحري المشترك بين البلدين إلى نحو 75% سوف يضيف إلى إيرادات المملكة نحو 1.5 مليار دولار سنوياً، مع بقاء سعر برميل النفط في حدود 70 دولاراً".

هذا الخطاب بحاجة لتعزيز لأنه بالمقابل هناك خطاب ينتمي لوضع اقتصادي يدل على أننا على وشك الإفلاس إن لم يفتح المواطن جيبه ويضخ في خزينة الدولة ما يعينها على البقاء ويستدعي تدخل الأشقاء للمساعدة!! فكيف أوازن هذا الخطاب مع خطاب يحمل آمالاً ووعوداً متفائلة؟

توحيد لغة الخطاب ليس طلبنا وحدنا فقط كمواطنين، بل هو طلب الدول الشقيقة الداعمة فحتى من يدعمك لتجاوز وضعك الحالي يريد أن يرى تحركاً واضحاً للمستقبل واثقاً غير متردد، وهو أيضاً طلب مؤسسات التصنيف الائتماني وطلب كل المراقبين لأداء الحكومة من مستثمرين وغيرهم، الجميع ينتظر منا رؤية واضحة مستقبلية وخطوات وبرنامجاً زمنياً مصحوباً بخطة شاملة تضع في اعتبارها الواقعين الحالي المرتبك والمستقبلي المضمون، في رؤية واحدة لتسديد الدين وتقليص العجز، كلام واضح وصريح حتى لو كان مؤلماً لكن يمنحنا نوراً في آخر النفق على الأقل.

أمام الحكومة أربعة أشهر قبل أن تقدم برنامجها لا للسلطة التشريعية وحدها بل هو برنامج سيتابعه الأشقاء الداعمون ومؤسسات التصنيف الائتماني والبنك الدولي والصندوق الدولي، نتمنى أن نكون مستعدين لذلك.