المبادرة التي تأسس على أثرها مركز الملك حمد العالمي لحوار الأديان في لوس أنجلوس من المبادرات التي يجب ألا توظف للترويج للصورة الحقيقية الواقعية للبحرين حول التعددية والتسامح فحسب، بل بإمكانها أن ترفد أي نشاط لخلق لوبي خليجي أمريكي يخدمنا لتعزيز مصالحنا في مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، لذا أشد على يد جميع من عمل على تلك المبادرة بدءاً من جمعية «هذه هي البحرين» مروراً إلى كل فرد وضع بذرة فيها، وصولاً لسمو الشيخ ناصر بن حمد الذي مثل جلالته في حفل التدشين بكلمة خاطبت الحس الفطري الإنساني، وذلك خطاب يناسب المقام والمقال.

العمل من هناك أي من عواصم صنع القرار الدولي، كان مطلباً ملحاً لنا منذ عام 2011، منذ أن اكتشفنا قصوراً في التواصل مع مراكز القرار الأمريكي ومطابخه، واكتشفنا كم سبقتنا إيران في بناء تلك الجسور منذ منتصف التسعينات وذلك بتأسيسها أكثر من 36 مؤسسة ومركزاً موزعة على جميع الولايات الهامة تحت غطاء ثقافي أو ديني أو اقتصادي لم تكن السياسية فيها إلا في الفناء الخلفي فقط، لكنها في النهاية حققت مصالح سياسية لإيران ونجحت في خلق «سفراء» أمريكيين اقتنعوا بجدوى المصالح الأمريكية الإيرانية وبالقواسم المشتركة بينهما!

وظفت إيران جميع تلك المؤسسات غير الحكومية لتكون جسراً لها شكلت من خلاله أقوى لوبي نافس اللوبي اليهودي وتفوق عليه أيام الإدارة الأمريكية السابقة، فعلى سبيل المثال لا الحصر مؤسسة «بيناد علوي»، ويقع مقرها في الجادة الخامسة في نيويورك، التي أسسها شاه إيران عام 1973 في نيويورك تحت اسم بيناد بهلوي، ثم تغير اسمها بعد أن سيطر عليها الملالي في إيران بعد الثورة إلى «بيناد مستضعفان»، ثم إلى «بيناد علوي»، يسيطر عليها محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني الحالي والسفير الإيراني السابق في واشنطن.

وتنظم لوبيات مثل «أمريكان إيرانيان أورغ»، أو «المجلس الوطني الإيراني الأمريكي»، ومن نشطائه البروفيسور شيانغ أمير أحمدي، الأستاذ في جامعة روتغر في نيوجرسي، تنظم زيارات إلى طهران للقاء رموز النظام الإيراني.

وقد رتب اللوبي الإيراني لجواد ظريف زيارات عدة، التقى خلالها بعض أعضاء الكونغرس في واشنطن، لحثهم على المضي قدماً بالاتفاق النووي الإيراني مع الغرب «المصدر موقع الخليج اون لاين»

ذلك مثال لما حققه واحد من تلك المراكز الإيرانية وهناك أمثلة كثيرة لأنشطة تلك المؤسسات البحثية والثقافية الإيرانية المتواجدة في الولايات المتحدة الأمريكية التي انطلقت من قواسم إنسانية مشتركة كالتعايش بين الأديان والتسامح وغيرها من الأغطية الإنسانية لتكون فيما بعد منصة يلتقي من خلالها صناع القرار في كلا البلدين، ويمهد لبناء جسور للتواصل بينهما، يرفد العمل السياسي بشكل غير مباشر وبرسائل غير مباشرة، ترتكز في مصداقيتها أنها مراكز مدنية لا حكومية مما يجعلها أكثر حرية في التعاطي وأكثر قرباً من المتلقي الأمريكي.

الأهم أننا نفتقر في دول الخليج خاصة مع السعودية والإمارات إلى مبادرات تكاملية فيما بيننا في البناء الجسري الخليجي الأمريكي لمثل هذه المراكز هناك، التي كان يجب أن تدار بغرف مشتركة يجري التنسيق فيما بينها لتعزيز المصالح المشتركة من جهة، ولتنسيق المواقف من جهة أخرى، ولخفض النفقات في ذات الوقت، ففعالية مثل هذه المراكز مؤثرة بشكل كبير حين توظف للتواصل مع مفاتيح صنع القرار الأمريكي ونقصد بذلك الإعلام ومنظمات المدنية الأمريكية ومراكز الأبحاث وحتى لمداخل مكاتب الساسة كمدراء مكاتبهم وسكرتاريتهم.. إلخ لتعكس المصالح الخليجية المشتركة ووحدة القضايا والأهداف.

إن صورة البحرين الحقيقية من خلال إرثها وحاضرها الذي كان مثالاً للتسامح والتعايش بين الأديان والتي ممكن أن يبرزها هذا المركز لهي خير سفير لنا يصلح أن يكون جسراً نبنيه للتواصل مع الشعب الأمريكي مباشرة لنجعل من أفراده سفراء لنا يتحدثون نيابة عنا ويدافعون عن مصالحنا المشتركة.