تحرص الأنظمة التعليمية على تزويد الطلبة بالمهارات اللازمة، للقيام بأدوارهم كمواطنين منتجين في المستقبل، وهذا ما حرص عليه النظام التعليمي في مملكة البحرين، من خلال الخطط والرؤى التطويرية، التي تشمل جميع المستجدات على الساحة التربوية والتعليمية.
ومن أهم هذه المستجدات الذكاء الاصطناعي، الذي أحدث ثورة في جميع المجالات، ومنها المجال التعليمي، بحسب التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2024، وهنا أقتبس «إن انتشار الذكاء الاصطناعي بشكل جيد، يمكن أن يساعد في فتح حلول لتحسين أنظمة التعليم العالمية»، وهذا يتقاطع بشكل أكيد مع النتائج التي أحرزها استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الطبية والهندسية والصناعية وغيرها الكثير، ومع استمرار ظهور العديد من التطبيقات الجديدة في المجال التعليمي، تبرز الفرص والتحديات التي نستكشف بعضها في هذا المقال.
في البداية يمكن أن نشير إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعني استخدام خوارزميات التعليم الآلي المدعوم بالرؤية الحاسوبية، وتحليل البيانات الضخمة في تعزيز التجارب التعليمية، وتحسين جودة العملية التعليمية، ويمكن أن نستعرض فيما يأتي بعضاً منها: - منصات التعلم التكييفي: والتي تركز على تصميم محتوى تعليمي بناء على الفروق الفردية للمتعلمين، وبالتالي يتم بناء التعليم حسب أداء المتعلّم وتقدّمه.
أنظمة التصنيف الآلية: والتي تقوم على فكرة التعليم المتمايز، فتصنّف هذه الأنظمة المهام والأنشطة والاختبارات، بالإضافة إلى تقديم نماذج التقييم المناسبة بناءً على تصنيف الطلبة.
- المساعدون الافتراضيون: وهي أنظمة توفر الإجابات على استفسارات الطلبة، وتقدّم الدروس الخصوصية المناسبة للطلبة في أي زمان ومكان.
- التعرّف على الكلام ومعالجة اللغة الطبيعية: وتركّز هذه التطبيقات على تعلّم اللغة، بالإضافة إلى توفير التعليم الملائم لذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال تحويل الصوت إلى نصّ، وتحويل النصّ إلى كلام.
- التحليلات السلوكية: وهي أنظمة تراقب سلوك الطلبة، وتضمن مشاركتهم في أثناء التعلم، وبالتالي مساعدة المعلمين على تحديد المشكلات التي يواجهها المتعلمون، وإيجاد الحلول المناسبة لها في الوقت المناسب.
إن توافر مثل هذه الفرص المهمة، يدفعنا إلى التساؤل عن كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، فعلى سبيل المثال أشارت العديد من الدراسات إلى أن المناهج الدراسية المرنة والبيئة الصفية المدعمة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، قد تخلق العديد من التجارب التفاعلية للمعلمين والطلبة، لاكتساب مهارات أساسية تسهم في إعدادهم لسوق العمل المستقبلية، الذي يتّسم بسرعة التطور، وبالتالي تسهم في التكامل بين المعرفة والمهارات لدى المتعلمين، بالإضافة إلى توفير فرص الابتكار والإبداع في عالم مدفوع بالتكنولوجيا الحديثة.
وترتبط الفرص ببعض التحديات في الكثير من الأحيان، والتي تترافق دائماً مع الجهود التي تبذلها الأنظمة التعليمية في سبيل العمل على معالجتها، ومن أهم هذه التحديات، الاعتماد على بعض البيانات الخاطئة التي يتم تدريب الخوارزميات عليها، وبالتالي تؤدي إلى نتائج خاطئة بالضرورة، وهنا يكمن الحل في التدقيق المنتظم والمراجعات الدورية؛ مما يقلّل من هذه المخاطر.
ومن جهة أخرى قد يُقلّل توظيف الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية من التفاعل البشري، والذي يمثل جوهر العملية التعليمية، ويؤثر بشكل أساسي على النمو الاجتماعي والنفسي للمتعلمين، وبالتالي من المهم عدم الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وخلق نوع من التوازن بين استخدامه كأداة تعليمية والحفاظ على الأساليب التفاعلية التقليدية بين المعلّم والمتعلّم.
في ضوء ما سبق، إن وضع خطة استراتيجية لتوظيف الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، قد يُعدّ السبيل الأمثل لضمان توظيفه بشكل ناجح في العملية التعليمية، على أن يتمّ تضمينه معايير واضحة تضمن التوظيف الناجح لهذه التطبيقات، وبالتالي ترسم مستقبلاً مهنياً وناجحاً للمتعلمين في عالم يَعِد بإمكانيات غير محدودة. * أستاذ الدراسات التربوية في كلية البحرين للمعلمين