لدينا مبادرات كثيرة لدعم البحرينيين ذوي الدخل المحدود سواء المباشرة منها أو غير المباشرة، إنما المشكلة أن الطلب على الدعم يزيد كل سنة عن الأخرى، بمعنى أن من يدخل في قائمة ذوي الدخل المحدود أكثر من الذي يدخل ضمن الطبقة المتوسطة التي تستطيع أن تعيل نفسها بنفسها دون إعانة من الدولة، وهذه مشكلة كبيرة نبهنا لها سابقاً، وظهرت آثارها الآن وقابلة للتضخم.

وحتى حين أردنا مساعدة البحرينيين العاملين في القطاع الخاص ركزنا على تقديم «الدعم» لرواتبهم أكثر مما ركزنا على مساعدتهم للانتقال من شريحة ذوي الدخل المحدود إلى شريحة الطبقة الوسطى التي لا تحتاج للدعم، وشتان بين الاثنين وهذا ما نريد أن نقف عنده اليوم.

أي كيف أركز خططي وبرامجي ومبادراتي لتوسيع شريحة البحرينيين الذين لن يحتاجوا لدعم من الدولة، كيف أحسن مستوى معيشتهم ودخلهم بشكل مستدام لا يحتاجون فيه لإعانة من الدولة ترفع أجرهم؟ كيف أنقلهم من الحد الأعلى للدخل المحدود، إلى الحد الأدنى من الدخل المتوسط، ثم إلى رفعهم أعلى وأعلى.

هذه الخطط والبرامج تعتمد على تأهيل وتدريب وتعليم مختلف تركز فيه تمكين على الارتقاء بالبحريني أكثر من دعم راتبه، تعتمد على خلق قطاعات جديدة في السوق تخلق فرصاً لوظائف ذات رواتب مجزية، تعتمد على دراسة الوضع الراهن وتحديد مستوى الدخل المتوسط وتحديد الشرائح التي ممكن أن أخصص لها مبادراتي.

فهل لدينا مثل هذه الرؤية المستقبلية، أم أننا نبذل جهدنا في زيادة الدعوم فقط وجعل المواطن ينتظرها كحل دائم كي يتمكن من سداد احتياجاته؟ هل نفكر بشكل يجعل من تحسين الدخل خططاً مستدامة لا مؤقتة لدعم الأجور.

الفرق كبير، الفرق هو أنني أركز مبادراتي وبرامجي الحكومية مثل ما تقدمه تمكين ومؤسسات التمويل الأخرى في تأهيل البحريني ليأخذ وظيفة ذات راتب مجزٍ، وليرتقي في عمله كي يزيد راتبه، ذلك توجه يختلف عن دعم الأجور مدة سنتين، أن أعمل على أن يكون هذا البحريني يمتلك مهارات تجعله مطلوباً في سوق العمل ليشغل وظائف رواتبها مجزية وتفوق الألف دينار، أفضل من أن أكرس هاتين السنتين وصرف مبلغ الدعم على رفع راتبه لعامين، ثم أتركه من جديد دون غطاء الدعم.

نحتاج أن نملك رؤية واضحة واستراتيجية واضحة لتقليص شريحة ذوي الدخل المحدود من خلال رفع قدراتها على أن تكسب ما يؤهلها أن تكون ضمن شريحة الطبقة المتوسطة، لا أن نركز الموازنات لدعم ذوي الدخل المحدود بشكل يجعل هذا الدعم دخلاً ثابتاً ودائماً.

كلما كان شريحة الناس التي بكدها وبعملها سواء قطاعاً خاصاً أو عاماً أو أنشطة اقتصادية تعد من الطبقة المتوسطة، ويكفيها دخلها كي تعيش حياة كريمة لا تحتاج فيها إلى دعوم، كلما زاد استقرار أي مجتمع، وتعزز استقرار أي دولة ونظام.

أي نظام سياسي لا بد أن تكون لديه صورة واضحة وخارطة ملونة وإحصائيات تبين حجم الطبقة التي تعتمد على الدعوم والطبقة التي لا تحتاجها، وتكون مهمة زيادة الطبقة التي لا تحتاجها أولوية من أولويات حكوماتها، وتسأل عنها وتحاسب عليها من قبل السلطة التشريعية، لا أن يتنافس الاثنان في التفاخر بأنه السبب وراء زيادة الدعم.