قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون".

لو توغلنا في التاريخ الإنساني بعيداً في عصور ماضية وفي دول عديدة، نرى أن التجنيد كان إجبارياً وبالسخرة حيث إن المسيطر على البلاد، يقود الجنود إلى حروب لتوسيع ملكه بلا مقابل ولا رعاية لأسرهم إذا ماتوا في ساحات الحرب، ولنا مثال جلي في القرآن الكريم، إذ نقرأ في سورة الكهف "أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا"، بما يعني أن هذا العيب الذي أحدثه الرجل الصالح "الخضر"، كان سبباً لبقاء السفينة بيد هؤلاء الفقراء الذين يعملون عليها لكسب رزقهم، وقوت من يعولون، فإذا انقطع سبب كدهم وهي السفينة، وتم أسرهم وأجبروا على العمل بالسخرة، ماتت أسرهم جوعاً .

ونحن في مملكة البحرين ومنذ انبثاق الضوء الأول عام 1783 على يد القائد العربي المسلم العادل أحمد الفاتح رحمة الله عليه، وتحرير هذا الأرخبيل المبارك، ورجوعه إلى أمته العربية والإسلامية، وإنهاء عصر الهيمنة الأجنبية عليه، وأصبحت ثرواتنا بيد الحكومة الوطنية الرشيدة، ووظفتها لرفعة المواطن وبناء الوطن تحضراً وتعليماً، إذ إن التعليم هو أساس التقدم وبناء الأوطان على روئ ثاقبة للحاضر والمستقبل، وتستمر هذه المسيرة كلما ازداد المواطنون علماً في جميع العلوم.

قبل عام 1935 تقريباً ، لم يكن لدينا طبيب بحريني أو مهندس أو اقتصادي أكاديمي، ولا قائد لجيش، وللعلم، أن التعليم الحديث بدأ عندنا في عام 1919 بافتتاح مدرسة الهداية الخليفية الابتدائية بالمحرق، وأسست البلدية الأولى بالمنامة وفي نفس الفترة بدأت النواة الأولى لتأسيس الشرطة تحت إدارة البلدية، مهمتها المحافظة على الأمن في المدن والقرى والحراسة للأسواق ليلاً، وإصدار رخص السياقة وتنظيم المرور.

وبعد الاستقلال في عام 1971 في عهد المغفور له سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله وطيب الله ثراه، وضعت اللبنة الأولى للحرس الوطني بعد تخرج مليكنا حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله ورعاه، عندما كان ولياً للعهد، ومع التطور السريع والمدروس، أصبحت لدينا قوة للدفاع تضاهي جيوش الدول التي سبقتنا بعقود من السنين، جيش له حضور في الداخل والخارج، في المفاصل الثلاثة البر والبحر والجو بقيادة مليكنا المعظم وبمساندة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء، حفظهما الله تعالى ورعاهما، وتحت قيادة، صاحب المعالي المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين، ويساند ذلك بكل كفاءة واقتدار الحرس الوطني بقيادة الفريق أول ركن سمو الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة رئيس الحرس الوطني، وبكل كفاءة واقتدار أيضاً من معالي وزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ويجب أن أذكر بكل فخر واعتزاز الضباط وصف الضباط والأفراد المنتمين لقوة الدفاع والحرس الوطني ووزارة الداخلية الذين بذلوا وأعطوا قصارى جهدهم ليلاً ونهاراً في الداخل والخارج تنفيذاً لأوامر جلالة الملك المعظم حماية للوطن الغالي والمواطنين الأوفياء، وبمساندة الدول الشقيقة وخاصة دول مجلس التعاون والدول الصديقة حين الكوارث الطبيعية والأزمات والحاجات الإنسانية، وأقول لمن استشهد من الضباط وصف الضباط والأفراد الذين استشهدوا وانتقلوا إلى جوار ربهم الأعلى في ساحة الشرف والفداء، جزاكم الله عنا بجنة الخلد التي وعد الله تعالى أمثالكم وأقول لكم قروا عيناً فإن أفراد أسركم في رعاية مليكنا المعظم حفظه الله تعالى ورعاه وأدام ملكه وأدام عمره بالصحة والعافية والسداد والتوفيق، فجلالته الأب الحاني والكافل لهم أسوةً بأبنائه سواء بسواء، وأحث جميع المواطنين على دعم صندوق الشهداء، والله لا يضيع أجر المحسنين.