تذكرت وأنا أستمع لمداخلة الدكتورة جميلة السلمان حول «التطبيب عن بُعد»، واحداً من أهم قرارات سمو ولي العهد رئيس الوزراء العصرية والمواكبة لمتطلبات المرحلة بل تُعدّ سبّاقة، وكان من الممكن أن تُميّز البحرين به عن غيرها وتجعلها نموذجاً يحتذى به، وهي قراره بالأمر بالسماح للموظفين الحكوميين بالعمل عن بعد.

هذا القرار تم تجريده من محتواه وجوهره ووُضعت عليه القيود والضوابط بحيث أصبح لا يمكن إلا لعدد محدود جداً من الموظفين أن يطبقه، وقُلِبَت الآية وكأن شيئاً لم يكن، وبدلاً من أن يساهم هذا القرار في تخفيف العبء على المنشآت والازدحام المروري ويوفر الطاقة ومواقف السيارات وووووو.. في ذات الوقت تؤدى الوظائف على أكمل وجه دون أن تتأثر الإنتاجية، وكان من المفروض أن تشعر البحرين بهذا الفرق نتيجة تطبيق نسبة كبيرة من الموظفين لهذا القرار، ونتفاخر حينها بأن قراراً واحداً أحدث فارقاً كبيراً في حياتنا، بدلاً من التفاخر بتقييده وتجريده من محتواه، صدرت الضوابط من ديوان الخدمة المدنية ووُضعت الضوابط والشروط والقيود ومرّ القرار دون أن يُحدِث فارقاً!

فإذا كان التطبيب ممكناً أن يكون عن بُعد كما قالت الدكتورة جميلة فما بالك بآلاف الوظائف المكتبية في الحكومة، إذا كان التوجه العالمي يشجع على اعتماد العمل عن بعد حتى على التطبيب، وفعلاً بدأت العديد من الدول والمؤسسات الطبية -وحتى موجود عندنا في البحرين- تتجه له، إنما يحتاج إلى تشريعات تنظمه، وهذا ما قدمته عضوات مجلس الشورى كمقترح الدكتورة جميلة محمد رضا السلمان، والدكتورة جهاد عبدالله الفاضل، والدكتورة إبتسام محمد صالح الدلال، والسيد علي عبدالله العرادي، وهالة رمزي فايز.

وهنا نعود لنقطة جوهرية وهي أن يحقق التشريع أو التدابير والإجراءات اللازمة لتطبيقه المعادلة اللازمة، وهي أن نصل إلى مبتغانا وهو سهولة الحصول على العلاج وتيسير أمر العباد والتخفيف من الكثير من الأعباء دون أن تتأثر جودة العمل، الحكمة تكمن في تحقيق المعادلة لا في المفاخرة بتقييد القرار وتفريغه من محتواه.

ونتعشم بمقترح الشوريات الخير إن شاء الله بتحقيق تلك المعادلة فتكون الضوابط لخير هذا العمل لا لتجريده من مكاسبه، ونتأمل أن يُعيد ديوان الخدمة المدنية النظر في قرار سموه والحرص على تحقيق مقاصده ومكاسبه.