أتمنّى من البلدية أن تقوم بعمل فيلم وثائقي تُقرّب فيه الصورة وهذه الأرقام لنا، ربما نستوعب ما الذي نهدره يومياً من نعمة الله.

أو ربما تُصوِّر يومياً وتعرض يومياً كميّة الطعام المَهدور لربما نُدرك ماذا يعني أن تكون مخلّفاتنا 1600 طن يوميّاً مخلّفات منزلية، أُكرّر يوميّاً.

400,000 كيلو أي ما يُقارب نصف طن عبارة عن أكل مهدور لا نأكله بل مصيره الزبالة.

البحريني يرمي مخلّفات أكثر بـ35% من المُعدّل العالمي المُتعارَف عليه للاستهلاك الفردي.

تبلغ قيمة الطعام المَهدور سنوياً 95 مليون دينار بحريني.. «انتوا مستوعبين»؟

هذا ما جاء في التحقيق الذي أجرته صحيفة أخبار الخليج يوم السبت.

لا ضرر من الإقرار بالسلوكيات الخاطئة في أنفسنا والتفكير فيها ومحاولة تقويمها بالتوعية، بالنصيحة، وحتى لو اضطر الأمر بالقانون.

لنعترف أنّ عيننا هي التي لا تشبع وليست بُطوننا، هذه حقيقةٌ نُقرُّ بها دوماً، خاصّةً نحن النساء دائماً شعارنا «يزيد ولا يقصر».

دائماً نرى الكمّيات قليلةً وأنّها لن تكفي والنتيجة فائضٌ من الطّعام مصيره الزبالة حتى اتَّخَمت القطط في أحيائنا وزاد عددها عن المعهود.

هذا السلوك لا يجري في الولائم فقط إنما حتى في وجباتنا اليومية في البيت.

لنعترف كم مِن المُعلّبات والمخزونات التي نتخلّص منها لأن صلاحيتها انتهت ولم نلمسها بعد، ولكنْ حين نذهب للشراء نملأ العَرَبة مُعتقدين أنّنا سنأكل كل ما شريناه؟

كميّة الرّز المطبوخ التي نرميها يومياً فظيعة ومعها خضراوات وفواكه فسدت لكثرتها وعدم وجود الوقت لأكلها.

حين نطلب الطعام في المطاعم خاصّةً إذا عزمنا أحداً دائماً نتشكَّك في أنّه ربما لا يكفي فنطلب المزيد، أتعرفون أنّه في دول كثيرة لا تقبل مطاعمها أن يترك الزبون صحنه دون أن يأكله كلّه في إشارة إلى عدم قبولهم إهدار الطعام؟

لا عدد سكاننا ولا إمكانياتنا تسمح بهدر 400 ألف كيلو من الأكل يومياً، هل هذا طبيعي؟ نحن نُحاسب الحكومة على الدينار وهدره فيما لا ينفع ولا يفيد ثُمّ نأتي نحن ونهدر 95 مليون دينار سنوياً؟ إنّه مبلغ يبني أكثر من بيت إسكان، إنّه مبلغ يكفي لبناء مُستوصف، إنه مبلغ أحقّ له أن يبقى في جيوبنا لما ينفع، إنّه إسرافٌ سيحاسبُنا الله عليه خاصّةً وأن هناك مَنْ هو مُحتاج لهذه النعمة.

نرى صور تهافت الأطفال الجياع على الطّعام في الدول الفقيرة المُعدَمة ونتألّم وربما نبكي لكنّنا ننسى هذه الصورة حين نطبخ أو حين نشتري.

لقد حذَّرنا الله سبحانه وتعالى من الإسراف، من السفاهة، من التَّرف في كثير من آياته.

ختاماً

أعجبني ردُّ فعل أُختٍ عزيزة تُوفي زوجُها الأسبوع الماضي رفضت أن يُقدَّم الطعامُ للمعزّين في ثواب المرحوم وطالبت كلّ من عَرَضَ أن يقدّم «الغدا أو العشا» أن يشتري بهذا المبلغ ماءً ويسقي به العمّال في هذا الحرّ، ذلك أجرٌ للميّت وللمُتبرِّع ولها هي أيضاً جزاها الله خيرَ الجزاء.