انتهى شهر العسل، والأجواء الصافية تلبّدت بالغيوم الرعدية، وفترة الضيافة انقضت، وحان موعد الحساب لجماعة الإخوان المسلمين في تركيا، بعد فترة وجيزة من فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفترة رئاسية جديدة.

ما حدث.. وتناقلته وسائل الإعلام حول حمْلة الاعتقالات والمُداهمات والتضييق، هو حلقة جديدة في سلسلة تخلّي تركيا عن هذه الجماعة الإرهابية ورموزها، وبعد أن انتهت ورقتهم، وأصبحوا غير ذي فائدة لها.

وما جرى كان مُتوقَعاً تماماً، فمَن يستخدم الأفعى في عُروض السيرك البهلوانية، لن يبقيَها خارج الصندوق بعد انتهاء العَرْض، والعديد من مربِّي الأفاعي يتخلّصون منها، بمجرّد انتهاء فترة عُروضهم، أو حتى زيادة حجمها قليلاً.

مصر وتركيا، بدأت علاقتهما بالعودة مُجدَّداً إلى مجاريها الطبيعية، فأنقرة أدركت أنه لا مَناص من ذلك، وأن معاداة دولة بحجم جمهورية مصر العربية، لن تجديَ نفعاً، وحربٌ خاسرةٌ لا مَحالة.

ومَن راهنَ على استمرار دعمه من قِبَل أردوغان، خسر الرِّهان مع هذا المُنعَطف.. وحرفيّاً، خسر ماضيه، وحاضره ومستقبله، ولن تذكره كتب التاريخ، إلا كما كُتِبت سيرة ابن العلقمي.

وأقولها مُجدَّداً، لكلّ من تسوّل له نفسه التآمر على بلده، سواء من المتحزِّبين، أو من الجماعات المتأسلمة، أو غيرهم من جماعات الضغط التي بدأت بالظهور إلى السطح.. مصيركم هو ذاته.

الطريق واحدة ونهايتها معروفة، وعليكم الاتعاظ سريعاً ممّا جرى، قبل فوات الأوان، فلن ترحمكم شعوبكم، ولن يرحمكم التاريخ، وستصبحون مطاردين في جحوركم، ولن تأمنوا أو تعيشوا عيشةً هنيّةً مُستمرّة.

من يسلك طريق الحقّ والسير ضمن جماعته ودولته، ودعم أشقائه وإخوته، سيصل، مهما كانت وِجهته بعيدة، ومن يسلك طُرُقاً مُلتوية، ويتآمر، ستدور الدائرة عليه، وكلّ ساقٍ سيُسقى بما سقَى.

كما أنّ التآمر مرفوض بكافة الأعراق والشرائع السماوية، وكلّ القصص التاريخية، شاهدةٌ على ذلك، والتاريخ يُعيد نفسه بها.

ولكن.. للأسف الشديد مَن يتعظ قليلٌ جداً، ومَن تأخذه العزّة بالإثم أكثر بكثير، ومَن يظنّ نفسه سينجو من هذا القطار، كثيرون، وهم حولنا، ونراهم كل يوم ونرى أفعالهم وتصرّفاتهم.

الآن، اللوم لن ينفع، والحسرة على اللبن المسكوب لن تُعيده، والشامتون أكثر من المُتعاطفين، ومتفرّجون أكثر بكثير.

والسؤال الآن.. ربما البعض لَمْ يُصدِّقْ كُتُب التاريخ، وأن التاريخ يُعيد نفسه.. ولكنْ الآن الشواهد حول مصير الخَوَنة أصبحت بالصّوت والصُّورة، فهل سيسلك المزيد من الأحزاب والجماعات المتأسّلمة، والإخوان هذا المسلك مُجدَّداً؟