في خضّم الصراعات التي تجري حالياً في الشرق الأوسط، وتوجّه المملكة العربية السعودية ودول المنطقة لتصفير الخلافات والمشاكل، وإرساء قواعد الأمن والاستقرار والتنمية، ظهرت قضية اختطاف مواطن سعودي في لبنان، ومن ثم تحريره على يد الجيش.
الاختطاف الذي جرى ليس عملية عبثية، ولا الهدف من ورائها الحصول على فدية من شخص سعودي أو من دولته، بل من وجهة نظري أبعاد القضية أبعد بكثير من هذا الأمر.
ما أراه، وأتوقعه، وربما يعلمه العديد، هو أن القضية تتعلّق بمن يسيطر على القرار في لبنان، وجرّه إلى ويلات الحروب، والمقاطعة مع الدول العربية، ويسعى لإبعاد بيروت عن محيطها العربي.
من يصدّق أن عملية الاختطاف جرت لمجرد 400 ألف دولار أو أزيد أو أقل، لا يمكن له أن يكون ذا عقل واعٍ، ولا إدراك للأبعاد الخاصة بالقضية.
حزب الله، والميليشيات المسلحة في لبنان، لا تريد له العودة مجدداً إلى الحضن العربي، ولم يعجبها التوافق وعودة العلاقات إلى مجاريها، وتوقّف إرسال شحنات الأسلحة والمخدرات إلى دول الخليج.
هذه الميليشيات، تريد أن توصل رسالتها للعرب والخليجيين تحديداً والسعوديين على وجه الخصوص، بأنهم غير مرحّب بهم، وأن هذه التوافقات لا يريدون لها أن تتمّ وتنجح.
هؤلاء لا يريدون أن يقضي العرب والخليجيون فصل الصيف مجدداً في لبنان، ولا أن يعودوا باستثماراتهم، ولا أن يكون لهم دور في استقرار لبنان ونهضته وتنميته.
هي مازالت دولة داخل الدولة اللبنانية، وتستطيع أن تفعل الكثير. ولكن هذه المرة الجيش اللبناني تدخل، وأوقف المهزلة.
الرسالة وصلت، خطوات المملكة العربية السعودية بالتعاون مع الأشقاء الخليجيين والعرب، أزعجتهم، وأفشلت مخططاتهم، واستطاعت أن تُحدث صدى قوياً، بدءاً من تصفير الخلافات، مروراً بمبادرات جديدة للشرق الأوسط والوطن العربي، وانتهاءً بعودة سوريا لوضعها الطبيعي.
ولكن رسالة السعودية أقوى، ماضون في خططنا، وفي مساعينا، وفي طريقنا، ولن توقفنا أي حركات صبيانية، ولا مخططات خبيثة، ولا تحركات مشبوهة.. لن يُوقف قطارنا أحد.