في عالمنا العربي الممتد من المغرب المطل على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط وإلى الخليج العربي المطل شمالاً من شط العرب إلى سلطنة عمان جنوباً، وفي حقب مضت تتوغل في عمر الزمن وإلى حاضرنا، قيض الله تعالى رجالاً ونساءً أفذاذاً في الفكر الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والإنساني، وغاصوا في مجتمعاتهم، وتفاعلوا مع طبقات المواطنين، وتحسسوا أحوالهم المعيشية ونصيبهم من التعليم فوجدوا أن هناك في تلك الأزمنة الماضية، أناساً متخمين في النعم وآخرين يقرصهم الجوع بأنيابه.

الأديب والمفكر العربي من مصر المنفلوطي الذي عاش بدءاً في العشرينات من القرن الماضي، وامتد بهِ العمر، رفد الأدب العربي بنوع من العطاء، اسمهِ الأدب الإنساني، له قصة مشهورة، تناولها بدقة وإنسانية أقتبس منها بالإيجاز، بأن هناك طبيباً في حاضرة من حواضر القرى في الصعيد، في يوم من الأيام طرق بابهُ صاحب سيارة فارهة، يقودها السائق، كان هذا الباشا ما شاء الله مكتنز البدن ويقطر الدم من وجههِ، وكرشهُ متهدل وبارز أمامه، ودخل هذا الباشا إلى عيادة الطبيب وجلس على الكرسي القريب من الطبيب، ورحب بهِ، ثم سألهُ ما المشكلة يا باشا؟، جاوبهُ الباشا «عسر وألم في البطن، بعد الكشف عليهِ، تبين للطبيب أنه مصاب بداء التخمة، فنصحهُ بالتقليل من الأكل والشرب، ووصف له وصفة طبية وسلمها إلى السائق، وأقاد الطبيب سائق سيارة الباشا، اشتر هذا الدواء، وطبق التعلميات المدونة في الوصفة الطبية.

بعد يومين جاء إلى نفس الطبيب مريض شاحب الوجه، لا كرش له يمشي الهوينا بين شخصين من أهل القرية، وعندما جلس على الكرسي، سأل الطبيب مرافقيه، ما هي المشكلة؟ أجابه أحدهم فقير وليس يقوى على الكدح وهو يعيش وحده، وفقدناهُ في المسجد منذ يومين وهو على هذه الحال!، تسّمر الطبيب في كرسيهُ، وأسند ظهره إلى خلفية الكرسي، وضرب برأس قلمهُ على ورقة أمامه، وقال صاحبكم هزيل من قلة الأكل والشرب، وأخرج من جيبهِ مبلغاً من المال، وقال اشتروا لهُ ما يسد رمقه وأضاف أن صاحبكم كاد أن يفارق الحياة من ألم الجوع؟!

إننا في شهر رمضان المبارك، وعلى كل منا أن يتفقد أحوال جيرانهُ خاصةً الأسر المتعففة ونشكر المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية وأغنياء المملكة والجمعيات الخيرية المنتشرة في طول البلاد وعرضها، وما تقدمه إلى هؤلاء من معونة مالية وعينية، ولله الحمد والمنة على ما أنعم الله به علينا من نعم كثيرة، خاصةً التكافل الاجتماعي، ويأتي حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، وصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظهم الله ورعاهم في مقدمة الذين يرعون كل مواطن ومقيم محتاج، وأبرز هذه المظاهر ما صرح به صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء لمضاعفة صرف المساعدات الاجتماعية ومخصصات الإعاقة.

حفظ الله تعالى مملكة البحرين وحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، وصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وكل من يمد يد العون لكل معوز.

إن من واجبنا الاقتصاد في شهر رمضان وغيرهِ وعدم هدر المال على موائد الطعام بإسراف، ثم رميهِ في الحاويات، وأقترح إنشاء مصنع لتحويل الأطعمة الزائدة في رمضان وغير رمضان من المطاعم والفنادق إلى سماد للزراعة وغيرها.