تحتفي جامعة الدول العربية في 16 مارس من كل عام باليوم العربي لحقوق الإنسان، وهو التاريخ الذي دخل فيه الميثاق العربي لحقوق الإنسان حيز النفاذ في 16 مارس 2008، بعد أن تم إقراره في مايو عام 2004 في القمة العربية التي عقدت في مدينة تونس.

ويعد الميثاق العربي لحقوق الإنسان معاهدة عربية معنية بتعزيز وحماية الحقوق والحريات الإنسانية في الدول العربية، فعلى الرغم من وجود العديد من الاتفاقيات الجماعية العربية التي تتناول مواضيع حقوق الإنسان، كميثاق حقوق الطفل العربي وغيره، إلا أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان يعتبر أهمها نظراً لشموله كافة الحقوق والحريات الإنسانية المعروفة، إضافة إلى أمر في غاية الأهمية وهو، أن هذا الميثاق ينص على إنشاء آلية رقابية هي لجنة خاصة تسمى لجنة حقوق الإنسان العربية، تشكلت في عام 2009 من مجموعة من الخبراء المستقلين يتم انتخابهم من الدول الأطراف في الميثاق، حيث تختص هذه اللجنة بمتابعة تنفيذ الدول الأطراف في الميثاق العربي لحقوق الإنسان لما تضمنه هذا الميثاق من أحكام تتعلق بمختلف الحقوق والحريات الإنسانية، وذلك لهدف تعزيز هذه الحقوق والحريات وحمايتها من خلال استعراض تقارير الدول، حيث تعمل هذه اللجنة على غرار عمل اللجان التعاهدية الإقليمية والدولية، كاللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان الشعوب المنشأة بموجب أحكام الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وعلى الصعيد الأممي لجنة الطفل المنشأة بموجب أحكام اتفاقية الأمم المتحدة للطفل، وغيرها من اللجان.

وكعادتها في دعم مسارات العمل العربي المشترك، تفاعلت مملكة البحرين بإيجابية مع الميثاق العربي لحقوق الإنسان، فكانت من أوائل الدول التي صادقت عليه بموجب القانون رقم (7) لسنة 2006، كما وفت بما هو مطلوب منها بموجب أحكام هذا الميثاق حيث قدمت تقاريرها الدورية إلى اللجنة المختصة المنشئة بموجب هذا الميثاق -المشار إليها أعلاه- حول جهودها في تنفيذ ما ورد في الميثاق من أحكام تتعلق بحماية وتعزيز الحقوق والحريات الإنسانية.

ووفقاً لما يجري عليه العمل كل عام فقد أقر مجلس الجامعة العربية «الحق في التعليم ذي جودة»، عنواناً للاحتفاء باليوم العربي لحقوق الإنسان للعام الجاري 2023، وقد حرص الميثاق العربي لحقوق الإنسان على تناول الحق في التعليم في المادة (34) التي تنص على أن «محو الأمية التزام واجب، والتعليم حق لكل مواطن، على أن يكون الابتدائي منه إلزاميا كحد أدنى وبالمجان وأن يكون كل من التعليم الثانوي والجامعي ميسوراً للجميع».

ومن دون شك إن الحق في التعليم كغيره من الحقوق الإنسانية يتمتع بأهمية كبيرة، فهو المعين لمعرفة الإنسان كافة حقوقه وحرياته الإنسانية الأساسية، وكيفية ممارستها على نحو صحيح والدفاع عنها بشكل سليم بحيث لا يعتدي على حقوق الآخرين أو ينتقص منها، كما أن التعليم هو السبيل إلى نقل الإنسان من ظلمات الجهل إلى أنوار العلم والمعرفة، فالجهل بوابة كل المآسي وهو بمعناه الواسع، يشمل عدة جوانب منها المعرفي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي. إن شعار الحق في التعليم ذي جودة، شعار موفق عندما قرن التعليم بالجودة، فالجودة مطلوبة في المضمون، وفي الكادر التعليمي وفي المرافق التعليمية، وفي طرق التعليم بحيث يكون التعليم بإعمال الفهم والتفكير وليس بالحفظ والتلقين، كما يكون بتنمية الملكات الذهنية والفكرية وتحفيز ملكة الإبداع والتفكر، وغيرها من العناصر التي تجعل من التعليم ذي جودة فعلية في جميع مراحله المدرسية والجامعية.

إن مملكة البحرين قد احتفت بهذا الحق منذ عقود بشكل عملي وواقعي، إذ يشهد لها القاصي والداني بجهودها وإنجازاتها في ميدان نشر التعليم ومحو الأمية عبر تاريخ التعليم فيها الممتد لأكثر من مائة عام مرت على بداية التعليم النظامي في مملكة البحرين، وهي من الدول التي حصدت وما زالت، مراكز متقدمة في توفير التعليم للمواطن والمقيم، حتى في أصعب الظروف وأحلك الأوقات، وقد أثبتت جائحة كورونا (كوفيد 19)، أن مملكة البحرين من الدول التي يشار إليها بالبنان نظراً لما قدمته من جهود جبارة في مجال الحرص على استمرار توفير التعليم وعدم توقفه، وقد نظمت مملكة البحرين هذا الحق من خلال سنها الكثير من التشريعات لتعزيز وحماية هذا الحق، بدءاً من الوثيقة العليا وهي الدستور، ثم القوانين كقانون التعليم، وقانون التعليم العالي، وقانون المؤسسات التعليمية والتدريبية الخاصة، كما وضعت العديد من السياسات والخطط والبرامج التي تحمي وتعزز وتجوّد هذا الحق.

* الرئيس الأسبق للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان بجامعة الدول العربية