سعداء جداً بنشاط النواب الرقابي، على الأقل بدأنا نرى حراكاً يجعل الحكومة في حالة استنفار وعلى أهبة الاستعداد للمساءلة، مما سيقود إلى تحسين الأداء حتماً، فليس بالضرورة أن تملك سُلطة طرح الثقة والاستجواب حتى تُحفّز الوزير على الأداء الأفضل، إنما كون النائب واعياً وصاحياً ويسائل الوزراء دوماً ونشطاً في المتابعة، فإن ذلك يفي بالغرض إلى حدٍّ كبير.

لنا نصيحة صغيرة فقط، وهي الابتعاد عن الاستهزاء وإلقاء التعليقات والشخصنة، أي جعل النقد أو الكلام موجّهاً للوزير لا للشخصية الاعتبارية التي يمثلها كعضو في الحكومة، وهنا لابد من الالتزام بضوابط اللائحة الداخلية التي تُلزم العضو بتوجيه الكلام لرئيس المجلس لا للوزير بشكل مباشر.

عزيزي النائب، لستَ بحاجة لأسلوب «الطنازة» إن كنت تملك الحجة القوية وتملك الأدلة وقد تحقّقتَ منها وتأكدت، فاستند إليها واكتفِ بها فإنها عن ألف تعليق ساخر لا يُسمن ولا يُغني من جوع.

إذ خُذها مني، كلّما زادت جُرعة السخرية في مداخلاتك كلّما ضعف موقفك الرقابي، هذا ارتباط شرطي قد يجعلك نجماً كوميدياً في حسابات التواصل الاجتماعي وتنتشر مقاطعك، لكن لا يجعل وضعك السياسي رصيناً وله ثقل تحسب له السُّلطة التنفيذية حساباً، ولك أن تختار أيهما تُفضّل أن تكون.

نبحث عن نواب يستخدمون سُلطاتهم الرقابية، ونبحث عمّن يفتح الملفات الشائكة ويجرؤ في مواجهة الوزراء بالأدلة والبراهين والأرقام وهي لديكم، بل لكم الحق في الحصول على ما لا تملكونه منها، وإن لم تحصُلوا أنتم تملكون حق إحراج السلطة التنفيذية بالإعلان عن عدم الاستجابة لطلبكم، إنكم تملكون حصانة برلمانية فأحسِنوا استغلالها.

الأمر الآخر أن الأضواء مُسلّطة عليكم كواجهة لشعب حضاري مثقف، فلا تنجرّوا وراء شعبوية، لن أقول رخيصة، إنما سأقول إنها ليست غالية الثمن، فمنافسوكم من الكوميدينات أشطر منكم في هذا الملعب ويتغلّبون عليكم، وهناك من الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي لممثلين كوميديين نشطين في التعليقات السياسية دمهم أخفّ بكثير، فلا تجعلوا هذا ملعبكم.

تراكُم التجارب والخُبرات يؤسس لأعراف وتقاليد برلمانية، فلكم أيضاً الخيار فيما ستخلّفونه للقادمين من بعدكم.

سعداء بنشاطكم، سعداء بجرأتكم التي غابت وضاعت بوصلتها في المجلس السابق، أصبح للجلسات النيابية متابعون بعد أن نسيَها الناس لسنوات، البحرين بحاجة فعلاً لسُلطة رقابية يُحسب لها حساب، وها نحن نرى استعادةً لذلك الوجه المطلوب، بل ونحثّكم على استخدام أدواتكم الرقابية أكثر وبشكل مكثّف أكثر، ونحثّكم على السؤال عن المال العام وتقصّي أوجه القصور، فالوضع الاقتصادي حَرِجٌ والمُواطن له احتياجاته المشروعة وشرائح ذوي الدّخل المحدود في اتّساع، وهناك اختلافات بين أولويات الناس وأولويات السُّلطة التنفيذية أحياناً، إنما كلّنا نعمل لتحسين الأداء والمرور من هذه المرحلة الدولية الصعبة، والحكومة كذلك، فلسنا بحاجة للتجييش وزيادة جُرعة الإحباط، إنما بحاجة لتضافر الجهود من أجل تحسين معيشة المُواطن ورفع دخله، قدِّموا اقتراحاتكم ودافعوا عن وجهة نظركم ونحن كلّنا معكم.

ختاماً

خطابي للوزراء..

1- لا تنجرّوا ويستفزّكم بعض النواب فتجارونهم بالاستهزاء، إنه يُضعف موقفكم أيضاً.

2- بعض الإجابات الشفهية للوزراء في الجلسات أفضل ألف مرة من المكتوبة سَلَفاً، والموزّعة على الصحافة سَلَفاً، فهل هناك وزيران يجيبان على نفس السؤال؟!