سؤال: حين قررت الولايات المتحدة تصنيف مجموعة «فاغنر» الروسية، التي يعتقد أنها نشرت آلاف المرتزقة في أوكرانيا، «منظمة إجرامية دولية»، هل نظرت للمرآة؟

هذا ليس دفاعاً عن مجموعة فاغنر وهي منظمة عسكرية خاصة روسية أسسها ضابط روسي سابق يستعين بها بوتين للقتال في أوكرانيا، إنما تذكيراً للولايات المتحدة الأمريكية ببلاكووتر التي أصبح اسمها الآن «إكس إي»

أليست هي من حصنت مقاتلي بلاك ووتر من المحاسبة وحمتهم وهم الذين ارتكبوا المجازر في العراق؟ فما الفرق بين فاغنر وبلاك ووتر؟

البيت الأبيض قبل أسبوع في 21 يناير أعلن أن القرار سيؤدي إلى فرض عقوبات جديدة، على المنظمة وعلى الشبكة التي تدعمها، خلال الأسبوع المقبل.

وقال المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي جون كيربي أمام مراسلين إن المنظمة «ترتكب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان في أوكرانيا وأماكن أخرى». وأضاف أن هناك ما يقارب 50 ألف مرتزق تابع لمنظمة فاغنر حالياً في أوكرانيا.

الصراحة لا نجد تعليقاً على من يقذف الآخرين بالأحجار وليس له حتى بيت من زجاج!! عزيزي كيربي إنك في العراء تاماً وأنت تقذف روسيا.

عموماً مسألة استعانة الدول «بشركات عسكرية خاصة» تنوب عن الجيوش الوطنية في القتال، أصبح سمة من سمات الحروب الحديثة التي فاق فيها غير التقليدي على التقليدي بدأ بالسلاح ووصولاً إلى المقاتلين.

مثلما خف وزن السلاح الفعال وزادت فيها نسبة القتال عن بُعد، بَعد أن أصبحت الطائرات مسيرة والقوارب مسيرة وقاذفات للصواريخ مسيرة وقللت من حجم الاشتباكات المباشرة، تستعين الدول الآن بقوات مرتزقة مؤجرة عند شركات خاصة مؤسسوها ضباط متقاعدون لهم خبرة قتالية وتبقي على جنودها في المعسكرات.

فإن عابت الولايات المتحدة على روسيا لاستخدامها «فاغنر» وصنفتها على أنها منظمة إجرامية فذلك المضحك المبكي، لأن الولايات المتحدة نسيت «بلاك ووتر» المرادف الأمريكية لفاغنر الروسية والمؤسسة منذ نهاية السبعينات أي أن لها السبق.

الاثنتان شركات خاصة استعانت بها الجيوش للقيام بمهام بعضها مدني في مواقع عسكرية كالتشييد والتموين وغيرها وبعضها أمني كالحراسات وبعضها قتالي في الميادين وهذا هو أس الموضوع، فلا تدعي الولايات المتحدة الأمريكية أنها مستاءة من روسيا لاستعانتها بقوات خاصة، فلتنظر في المرآة أولاً.

«هناك بحث لوليد عبدالحي كاتب أردني بالإمكان العودة له موجود على الإنترنت عن بلاك ووتر وهناك تقارير ومقالات عديدة عموماً عن «سوق الموت» حيث تعرض تلك الشركات العسكرية الخاصة خدماتها على الجيوش مقابل عقود».

وقد تعرضت بلاك ووتر تحديداً لانتقادات واسعة بعد نشر كتاب «بلاكووتر ـ أخطر منظمة سرية في العالم» للمراسل والصحفي والكاتب السياسي الأمريكي جيريمي سكاهيل الذي ذكر عدة معلومات موثقة ضد الشركة أبرزها دعمها للجيش الأمريكي بالعراق مقابل خضوع جنودها للحصانة من الملاحقات القضائية. كما حصلت «أكاديمي» وهو الاسم الجديد لبلاكووتر على شهرة واسعة النطاق في عام 2007، عندما أدين مجموعة من موظفيها بقتل 14 مدنياً عراقياً في ساحة النسور، ببغداد، أدين منهم أربعة حراس في محكمة أمريكية، أفرج ترامب عنهم لاحقاً «تقارير لوكالات الأنباء وصحف».

المفارقة أن هذه الشركات أصبحت تعرض خدماتها لأي جيش ليس بالضرورة للجيش الأمريكي أو الروسي، بل لأي جيش يطلب خدماتها القتالية، لذلك تجدها سواء الأمريكية منها أو الروسية الآن في سوريا واليمن وأوكرانيا وأي موقع في قتال موظفيها أو مقاتليها سمهم ما شئت من جميع أنحاء العالم من الشرق الأوسط ومن أفريقيا ومن دول أوروبية.

لذلك القصة الأمريكية عن فاغنر الروسية بأنها «منظمة إجرامية» وبفرض عقوبات عليها ووووو لا تزيد عن مسرحية كوميدية جديدة تضاف للعديد من المسرحيات الكوميدية الأمريكية التي لا تضحك