عشقتها منذ طفولتي حين بدأت أنتظر كل ليلة سبت من الساعة العاشرة مساء حتى الحادية عشرة أغنية لعبدالحليم حافظ على إذاعة البحرين. أردد منذ صغري «رميت الورد، طفيت الشمع يا حبيبي» و«لو أني أعرف خاتمتي.. ما كنت بدأت».. عشقتها عندما كنت أتصفح كتب نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وأنا طفلة لا تتعدى الاثني عشر عاماً.. علمني أبي ألا أسمع لعبدالحليم وأم كلثوم فقط، فبدأت أسمع فريد يردد الربيع وجميل جمال وفاتن حمامة تجلس بجانبه وتردد غني «يا وحيد»، وتعرفت على «أول همسة» عندما أهداها لي زوجي الحبيب.. عشقت صوت عبدالوهاب وهو يعاتب ويقول «قالوا لي هان الود عليه ونسيك وفات قلبك وحداني»... عشقتها وأنا أشاهد فيلم أنا وبناتي وفايزة أحمد تغني «تعالي لي يابا» وتردد في أغنية أخرى «ست الحبايب».. عشقتها عندما غنت أم كلثوم أغدا ألقاك وهذه ليلتي وعندما غنى محمد فوزي «ماما زمانها جاية».. عشقتها عندما شاهدت أجمل الأعمال الفنية.. مسرح.. مسلسلات.. سينما.. من العيال كبرت إلى مدرسة المشاغبين، ومن المال والبنون إلى الشهد والدموع، ومن أبي فوق الشجرة إلى الوسادة الخالية.. عشقتك عندما رأيت أنك قدمت للعالم أجمل وأرقى الفنون والثقافة.. عشقتك وعلى عرشك الملك فاروق ومن قادك من بعده من أبطال.. جمال عبدالناصر وأنور السادات ومحمد حسني مبارك رحمهم الله جميعاً.. وبكت عيني عندما اختطفتكِ جماعة إرهابية ولكن بإرادة شعبك الأبي عدتِ أجمل مما كنتِ عليه، فبكيت دموع فرح عندما عدتِ يا مصر إلى أيدٍ أمينة.. حفظكِ الله ورعاكِ تحت قيادة قائد عظيم فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي.. البطل الشجاع الذي رفعكِ مرة أخرى إلى السماء العالية مع التفافة شعبه الوفي حوله. وفي جميع مراحل حياتي كنتِ دائماً يا مصر في وجداني.. حلمت بأن ألتحق بجامعة القاهرة وكان لي الشرف في الدراسة بكلية الآداب.. كنت أسمع وأنا طفلة عن الصحافة وكانت أسماء ثلاث صحف تتردد في آذاني.. أهرام ؛ أخبار، جمهورية، ولم أتخيل أبداً أنني سأنال شرف الكتابة في إحدى هذه الصحف، ولكن الحلم البعيد عن المدى تحقق أيضاً من خلال بعض المقالات التي نشرت لي في إحداهن.

وقبل أيام تشرّفت بحضور حفل للاحتفال بمرور خمسين عاماً على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين بلادي الغالية ومصر العظيمة التي ولدت العظماء وقدمت للعالم ما لا نظير له. كم كنت فخورة أن مصر لها مكانة خاصة ليست في قلبي أنا فقط بل في قلب كل عربي يدرك قيمة مصر ومكانتها العالية جداً.

كان احتفالاً جميلاً جداً لأننا احتفلنا مع أهلنا وأحبائنا وأصدقائنا الغالين من الجالية المصرية في البحرين، ولا يمكن أن أنهي هذا المقال دون قول كلمة حق في سعادة السفير ياسر شعبان، سفير جمهورية مصر العربية الذي دخل قلوب البحرينيين برقي تعامله وصدقة، وبطيب أصله وأخلاقه وعطائه اللامحدود، ووفائه وحبه وتقديره للبحرين قيادة وشعباً، فهو والسلك الدبلوماسي المرافق له في هذه المحطة في حياته الدبلوماسية خير من يمثل مصر ويذكرنا بالأخلاق العالية للشعب المصري، الأخلاق التي جعلتنا دائماً نعشق مصر وترابها.