ما الذي حدث وجعل حسن نصرالله يوافق على الاتفاقية بين لبنان وإسرائيل ويعترف بها ويعطيها حق الغاز؟ دعونا نعيد صياغة السؤال، ما الذي أخذته إيران مقابل الموافقة على منح حقل «كاريش» اللبناني لإسرائيل؟ هذا هو سؤال المليون.

الخلاف الظاهري بل والطبيعي والذي تقرّه الجغرافيا والتاريخ أنه بين لبنان وإسرائيل على حقل الغاز البحري «كاريش» الذي يقع على خط 23 في المياه الإقليمية اللبنانية والتي تدّعي إسرائيل أنه ضمن مياهها الإقليمية، إنما أصغر طفل في العالم يعرف أن إيران هي من يحكم لبنان وهي من يقرر بلا أو نعم في أي اتفاق، ودون موافقة إيران لا يستطيع لبنان عقد أي اتفاق لا بين اللبنانيين أنفسهم بعضهم بعضاً داخل الحدود اللبنانية، ولا بين لبنان وأي دولة أخرى.

فالعلاقات السورية اللبنانية تحكمها إيران، والعلاقات السعودية اللبنانية تتحكم فيها إيران، وكذلك العلاقات الإسرائيلية اللبنانية هي الأخرى تحددها المصالح الإيرانية فقط.

والى ما قبل عدة أسابيع كان خادم إيران جرذ الجبل يهدد بقرض إسرائيل ويتوعد أي شركة أجنبية ستتجرأ وتعمل في حقل كاريش بأنها لن تسلم على نفسها، واستعرض كل ما يملك من قوة للتهديد بالمساس بكاريش، فنحن المقاومة ونحن الذين تزودنا إيران «بصووايخها» وقدس سره ولينا، هذا ما كان الجرذ يكرره طوال تلك السنوات، وفجأة دون سابق إنذار يتحول الجرذ إلى الفأر الأليف «الهامستر» ويقول «يا عمي نحن مضينا لان بدنا ناكل عنب»؟!! نعم؟

كيف وافقت إيران على الاتفاق الذي كانت وساطته أمريكية فرنسية وقدمت تنازلاً كبيراً جداً ومكلفاً جداً، فما معنى أن يسكت الجرذ عن إسرائيل ويعطيها الحق ويوقع الاتفاق، معناها أنه يعترف بها كدولة لها حدود مرسومة مع دولته، في حين أن وجود حزبه وميليشياته بدعوى مقاومة إسرائيل، فبعد الاعتراف بها من سيقاوم؟

توقيع الاتفاق ينهي شعارات عدم الاعتراف، توقيع الاتفاق يمنع استخدام السلاح في هذه المناطق، توقيع الاتفاق يجرّد الحزب من حجة المقاومة فيجرّده من حُجة امتلاك السلاح، السؤال ما الذي أخذته إيران مقابل جميع هذه التنازلات الكبيرة؟

الحاجة الأوروبية والأمريكية الملحّة لغاز كاريش في هذه المرحلة هي التي جعلت الأمريكان والفرنسيين يتدخلون كوسطاء في هذه الاتفاقية، عامل الوقت يضغط عليهم، مما يعني استعدادهم لتقديم أي شيء لوقف أي صراع على هذا الحقل ونقله لإسرائيل كي تتمكن من ضخ الغاز وبيعه لأوروبا فوراً، إذا قبول إيران المفاجئ يؤكد أنه لم يكن بلا مقابل، لابد أن يكون المقابل مجدياً ومغرياً جداً جداً كي يعوض تهويش حزب الله على الحدود الإسرائيلية.

هذه هي القصة الحقيقية، أما قصة «بدنا ناكل عنب» التي برر بها الجرذ قبوله للاتفاق الذي باع به كاريش لإسرائيل ببلاش بل وشاركهم نتاج حقل آخر لإسرائيل بـ17% من إنتاجه ستوزعه شركة توتال الفرنسية التي أخذت حق العمل فيه، فهذه البيعة لا بها عنب ولا بها حصرم، هذه نكتة تباع في سوق المغفلين الذين مازالوا يصدقون أنك سيد «المكاومة»، فأنت لا يحق لك أن تختار بأن «تاكل عنب أو تاكل تبن»، القرار في يد سيدك الإيراني الذي منح جائزة كبيرة لم تعرف بعد مقابل بيعك وتجريدك من أكبر حجة لتمسكك بسلاحك.. فما هي هذه الجائزة التي حولت الجرذ لهامستر؟