طفل هندي عمره خمس سنوات ترك المنزل وذهب إلى مركز الشرطة ليقدم بلاغاً ضد أمه؛ لأنها منعته من تناول الحلوى، وأصر على كتابة محضر رسمي، فسايرته الشرطية وساعدته على ملء الاستمارة وفي الآخر أخذ القلم ووقع على البلاغ!!
بسم الله الرحمن الرحيم.. انتوا مستوعبين؟
طفل عمره ثلاث سنوات يمتنع عن غسل يده ويعارض أمه ويقول لها: «هي يدي وهي قواعدي» (ماي هاند ماي روولز) لا لا الأمر زاد عن حده، قلنا: نعلمهم حقوقهم، ولكن نسينا أن نعلمهم أن لها حدوداً.
ثلاث سنوات من جيلنا بالكاد ينطق بابابا تاتاتا ويصفقون له من فرط ذكائه! اليوم يحفظ حقوقه ويمليها علينا بل، يشتكي علينا إن لم نعطه إياها.. يا لطيف.
ليست مسألة الحقوق فقط التي نحتار في وضع حدود لها، وليست القوانين التي نتخبط في تلقينها، نحن في زمن مضطرين فيه إلى فتح مواضيع معقدة وصعبة مع صغارنا لم نعلمها أبناءنا إلا في مراحل متقدمة، يستطيعون فيها التمييز بين المشروع والممنوع والمقبول والمحذور، لكن آباء اليوم مضطرون إلى أن يبدأوا هذا المشروع مبكراً جداً.
كان أعقد المواضيع التي نقرأ مليون كتاب ونستعد لها هي تعليمهم عن الأمور المتعلقة بأجسادهم وما سيجري عليها من متغيرات وكيف يحمون أنفسهم من المتحرشين، إنما آباء اليوم عليهم أن يقنعوا أطفالهم أنه ليس هناك في الخلق من الأنواع البشرية سوى امرأة ورجل ولا ثالث لهما، حتى مسلماتك بدأوا يشككون فيها فلا تعرف من أين تبدأ التعليم؟
والله إننا لنشفق على آباء اليوم فقد اضطروا إلى مواجهة تحديات لم تخطر على بالنا حين كنا نربيهم، فإذا بهم يواجهون تلك المستجدات دون دليل إرشادي، نحن نقلنا الكثير من القواعد من آبائنا وكذلك فعل الآباء، إنما اليوم دليلنا الإرشادي ما عاد يصلح لأبنائهم، الآباء يسابقون الزمن للحاق بالأبناء. كان الضرب أو حتى الصفع وسيلة تأديب مقبولة ولا تثير أي ردة فعل أو استنكار سواء من قام بالضرب الأم أو الأب أو المدرس، كان الحرمان من الملذات أمراً طبيعياً، حرمناهم من الخروج وحرمناهم من الكثير من مطالبهم، ولم نسمع عن العقد النفسية من هذه الوسائل التربوية إلا الآن، بل إن الأطباء النفسيين المتخصصين في الأطفال والمدربين ومعدلي السلوك هي تخصصات رائجة في أيامنا هذه، ولها سوق كبير والعديد من الآباء يستعينون بهم لمواجهة هذه التحديات الجديدة مع أطفالهم.
هناك مختصون لمساعدة الآباء في اكتشاف ألعاب خاصة بالأطفال ما قبل المدرسة، لا حاجة لتذكيركم بوضعية أطفال ما قبل المدرسة من جيلنا، تراب وطين وزكام لا يذهب حتى يجف «السنسون» بلا مضادات ولا حساسية وأعواد الآيسكريم وصور العلوج!!
آباء اليوم في طريقهم لفقد سلطاتهم على أبنائهم وفقدان دليلهم الإرشادي الذي ورثوه من آبائهم، هناك دليل إرشادي يفرض نفسه على آباء اليوم ويحدد القواعد التربوية لهم، يقودهم لا يقودونه يسلبهم سلطاتهم، فإن لم ينتبهوا لخطورة فقدان تلك السيطرة فسيجدون أبناء لا يعترفون بأي سلطة حتى سلطة الدولة!!