سعر برميل النفط المُعتمد في ميزانية البحرين هو 45 دولاراً، وقد ارتفع السعر حتى وصل أمس إلى 117 دولاراً؛ ووفقاً للحسابات فإن البحرين تحتاج إلى سعر يقارب 95 دولاراً كي تُحقق التوازن في الميزانية، معنى ذلك أن توازن الميزانية سيتحقق بإذن الله مع احتمالية وجود فائض للمرة الأولى منذ سنوات ولله الحمد.

وبهذه المناسبة أعجبني جداً قرار سلطنة عمان بإعفاء فئات ذوي الدخل المحدود من أقساط الإسكان المتبقية عليهم، وذلك يعني إنقاذ شريحة كبيرة من المواطنين العمانيين من الوقوع تحت خط الفقر خاصةً مع هجمة التضخم العالمية الجديدة.

أعتقد أنّ إجراءً مَا لابد أن يتم اتخاذه في البحرين لتوظيف تلك الزيادة في أسعار النفط التي حصلت في الأشهر الأخيرة لخدمة شريحة ذوي الدخل المحدود، وأيضاً للاحتفاظ بالطبقة الوسطى ومنعها من الانكماش، سواءٌ أكان بتطبيق ذات الفكرة العمانية، وهي فكرة كان يعمل بها الأمير الراحل عيسى بن سلمان طيب الله ثراه، بين فترة وأخرى كلما حدثت طفرة في أسعار البترول، أو اعتماد أي فكرة أخرى تساهم في تخفيف المعاناة بمبلغ مقطوع يساعد هذه الشريحة على تحمّل الفترة القادمة.

لتعتبر الدولة ذلك مشروعاً سياسياً لا اقتصادياً ضمن أحد المشاريع التي تدعم الاستقرار والتنمية السياسية المستدامة، فاستقرار الحياة المعيشية لهذه الفئة واحدة من أهم دعائم الاستقرار السياسي في أي دولة، وقسط الإسكان يلتهم ربع دخل الفرد كما نعلم، أما من هم ليسوا من ضمن هذه الفئة -أي الفئة التي لديها أقساط إسكان متبقية- نفكر لها بفكرة أخرى بمبلغ مقطوع يمكّنها من سداد ديونها والاحتفاظ بتلك النسبة من رواتبهم كي تساعدهم على الاحتفاظ بمستوى معيشتهم بالحد ذاته، حتى لا تتسع الدائرة وتصغر شريحة الطبقة المتوسطة.

لابد من توظيف عوائد البترول في واحدة من أهم دعائم الاستقرار على المدى الطويل وهي إنقاذ ذوي الدخل المحدود والحفاظ على الطبقة الوسطى من الانكماش، وتلك عوائد قد لا تتكرر وقد لا تطول مدتها، فأسعار النفط رهنٌ بالأحداث العالمية كما نعلم وبقواعد العرض والطلب.

ومنح تلك العوائد للمواطن وضخها في السوق المحلي أفضل بكثير من منحها لصندوق النقد الدولي أو للبنوك المدينة لنا، خاصة إذا تمكنا من مراقبة السوق والتحكم في الأسعار منعاً لزيادة التضخم، على أن تستمر خطة التوازن المالي كما هي حتى نتمكن من عبور هذه المرحلة الحرجة.

لا نحصر التفكير في المنحى الاقتصادي فقط حين نفكر بالاستفادة من هذا الفائض -إن حصل- دون نظرة شمولية للاستقرار، وكذلك فإن استدامة التنمية لا تتم من منظور اقتصادي وحده، نحتاج لتوسيع مداركنا، الأمر ليس دعوات شعبوية ودغدغة عواطف فنحن أبعد ما يكون عن هذه الرغبة والكل يعلم، إنما نحن نفكر بأبعد من أنوفنا!!