تحت عنوان «عاجل» بثت إحدى الفضائيات قبل أيام تصريحاً لمسؤول في حركة حماس يصف قيام شاب فلسطيني في القدس بطعن إسرائيلي بالعمل البطولي ويعتبر فعله دليلاً على أن القضية الفلسطينية لا تموت وأن إسرائيل لا تستطيع أن تطفئ جذوة المقاومة وامتدح أهل القدس وحث على القيام بالمزيد من مثل هذه العمليات. لكنه لم يتطرق إلى أن الشرطة الإسرائيلية أطلقت النار على الشاب وأصابته بجروح خطيرة أدت أو قد تؤدي إلى وفاته، ولن يتطرق إلى أن الشرطة الإسرائيلية تطبق مبدأ «الخير يخص والشر يعم» فتشمل بعقابها أسرة منفذ العملية ومسكنها.

المقاومة حق لا يمكن لأحد أن ينكره على الفلسطينيين، لكن أيضاً لا أحد يستطيع أن يدعي أن عمليات الطعن -سواء تلك التي استهدفت عسكريين أو مدنيين- نتج عنها ما يفيد القضية الفلسطينية، فالمتضرر الأكبر منها كان الفلسطينيون.

تحريض الفلسطينيين في الداخل على تنفيذ مثل هذه العمليات أمر صار من الضرورة أن يقر الجميع أنه يضر بالقضية ويدفع الشباب الفلسطيني إلى الموت من دون تحقيق أية مكاسب، فالأمن الإسرائيلي يستطيع أن يصل بسهولة إلى مرتكب عملية الطعن حتى لو تمكن من الهرب.

أمر آخر ينبغي أن يكون واضحاً أيضاً للجميع هو أن الذين يحرضون من الخارج ويفرحون عند قيام أي شاب بتنفيذ مثل هذه العمليات لا يتكلفون شيئاً، فالذين يخسرون حياتهم وتخسرهم فلسطين والقضية الفلسطينية ليسوا من أبنائهم ولا من أقاربهم وغاية ما يمكن أن يفعلوه عندما يلقى أولئك حتفهم هو أن يصفونهم بالأبطال ويقومون بنثر التصريحات من مثل تلك التي جاد بها ذلك المسؤول في حماس ولتسارع الفضائيات إلى بثها تحت عنوان «عاجل».

التقدير هو أنه حان الوقت لترك عملية إيجاد حل للقضية الفلسطينية للسياسيين خصوصاً بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة وقوامها توقيع عدد من الدول الخليجية والعربية اتفاقات سلام مع إسرائيل وتلميح أخرى بالانضمام إلى عملية السلام.