قبل عشرين عاماً بالتحديد، كان صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله يتحرك بشكل سريع جداً، ويعقد لقاءات عديدة، اختتمها بلقاء مع مالك حقوق سباق الفورمولا واحد آنذاك السيد بيرني إيكلستون، لتخرج الأنباء الصحفية معلنة استضافة البحرين لسباق الجائزة الكبرى للفورمولا واحد في عام 2004.

بموجب هذا الإعلان أصبحت مملكة البحرين أول دولة خليجية وعربية تستضيف إحدى جولات هذا السباق العالمي، بل وكان التحدي أمامها لتكون حلبتنا الدولية صاحبة جولة ثابتة على امتداد عقود طويلة قادمة، وهو التحدي الذي راهن عليه «بوعيسى» ونجحنا فيه كوطن يعمل بكوادره المخلصة في هذا المجال، خاصة وأن التاريخ يشير لوجود عديد من الحلبات العالمية التي كانت مرتبطة بشكل وثيق بهذه السباقات لكنها اختفت بعد فترة مثلما حصل مع حلبة إيمولا الإيطالية الشهيرة والتي شهد أحد حوادثها وفاة الأسطورة البرازيلية إيرتون سينا.

وها هي البحرين اليوم تثبت عاماً بعد عام على أنها «موطن رياضة السيارات في الشرق الأوسط»، والنقطة المضيئة في المنطقة لانطلاق هذه السباقات، وبات يُحسب لها السبق، وتحديداً لفكرة وجهود الأمير سلمان لدخول هذه الرياضة منطقة الخليج العربي، حيث أصبح لنا كخليجيين أربعة سباقات في أربع دول على الروزنامة.

وأنا أتابع الجولة الشهيرة المعتادة التي يقوم بها سمو الأمير سلمان في الحلبة بدءاً بتفقده الفرق المشاركة وطواقمها، مروراً بتفقد وتحفيز فرق العمل البحرينية المختلفة داخل الحلبة، وصولاً لتصريحاته التي تزداد روعة كل عام وهي تكشف المزيد من الإنجازات والسمعة العالمية الطيبة التي حققتها البحرين بفضل استضافة هذا الحدث العالمي، وأنا أتابع ذلك أتذكر تفاصيل النسخة الأولى التي انطلقت عام 2004، وكيف أننا كبحرينيين نسينا يومها التركيز على بطل السباق الأول الأسطورة الألمانية «الشيطان الأحمر» مايكل شوماخر، وكان تركيزنا منصباً على «بطل سباقنا الحقيقي» الأمير سلمان بن حمد وهو يرفع إبهامه عالياً في إشارة نصر مقرونة بابتسامة عريضة عنوانها أن «البحرين الفائزة دوماً» بهذا السباق.

نعم بسبب هذا السباق العالمي الذي يعد بحسب الإحصائيات العالمية ثالث حدث عالمي يستقطب المتابعة حول العالم بواقع أكثر من 600 مليون مشاهد للسباق الواحد، ويأتي بعد منافسات كأس العالم لكرة القدم والألعاب الأولمبية، بسبب هذا السباق العالمي عرف العالم اسم البحرين، وشهدت بلادنا قدوم مئات الآلاف من الزوار والسائحين من كافة دول العالم لحضور سباق الفورمولا واحد، وأيضاً لمعرفة بلادنا وتاريخها وما أسهم ذلك إيجابياً في حركة الاقتصاد الوطني.

شخصياً لمست تأثير السمعة الإيجابية لاستضافة هذا السباق، ففي فنلندا وجدت أشخاصاً يعرفون البحرين بسبب الفورمولا واحد، وأبعد من ذلك، قبل عامين في مدينة «أوشوايا» الأرجنتينية في أقصى جنوب قارة أمريكا اللاتينية سألني أحدهم عن بلادي، وحينما قلت البحرين أجاب مسرعاً «فورمولا ون»، فابتسم وقلت في نفسي: «ماذا فعلت بهم يا بطل سباقنا الدائم، يا سلمان بن حمد».

نعم «بوعيسى» بالنسبة لنا كبحرينيين الفائز في هذا السباق لم يكن مايكل شوماخر أو فرناندو ألونسو أو سباستيان فيتيل أو لويس هاميلتون، بل الفائر سنوياً هو أنت، عراب هذه الفكرة، وصانع تاريخ الفورمولا واحد في منطقة الشرق الأوسط.