من منا لا يتوق لأن يوقف عقاراً أو أرضاً أو بئراً أو أي شيء نافع لكن يتعذر عليه لعدم توفر فائض من مدخراته ليخصصه للوقف الخيري، ولِمَ لا يتوق المسلم لأن يوقف شيئاً من ماله؟ فالوقف الخيري هو من العمل الصالح الذي لا ينقطع أجره وحسانه للمسلم حتى بعد الموت لحديث الرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له رواه مسلم. ولكن يظن البعض أنه يشترط عليهم أن يخصصوا مبالغ كبيرة حتى يوقفوا شيئاً نافعاً يعود عليهم بالأجر والثواب، ولكن هذه النظرة غير صحيحة، فقد أجاز العلماء الوقف المشترك فجوّز لمجموعة أن يتشاركوا في إنشاء وقف خيري معين، كما يجوز وقف أشياء صغيرة لا تتطلب مبالغ كبيرة، كأن يوقف المسلم مصحفاً أو كتاباً أو شجرة.
ومن الأوقاف التي لا تتطلب مبالغ كبيرة وفي الوقت نفسه تنفع الناس وقف الأشجار ففيها الأجر الكبير والمنفعة للناس فتأكل منها الطيور، ويستظل الناس بظلها، وتسهم في التخفيف من التلوث الهوائي، ناهيك عما تطرحه الشجرة من ثمر ينتفع منه الإنسان والطيور والحيوان، ولكن ليس من المجدي أن يوقف كل فرد شجرة في أماكن مختلفة فقد لا يجد الواقف من يحسن الحفاظ عليها على مر الأزمان، فالحل أن تجتمع مجموعة من الراغبين في وقف الأشجار لوقف مجموعة من الأشجار في أرض واحدة لتتحول إلى مزرعة ينتفع بها الناس.
وهنا نتمنى من المعنيين في الأوقاف تخصيص أرض من الأراضي الموقوفة والتي كانت عبارة عن مزارع موقوفة تدر بالنفع على الناس، وتعرض للراغبين من الناس لتشجيرها، وحبذا لو شجرت بأشجار لا تحتاج لجهد كبير من الرعاية مثل النخيل، أو أشجار المانجو أو التوت أو أشجار النبق وغيرها من الأشجار التي تسهل زراعتها في مناخ بلدنا الحبيب، لتتحول هذه الأرض إلى مزرعة تعود بالنفع والخير للناس، وفي الوقت نفسه تعود بالأجر والثواب للواقفين حتى بعد الموت، فبذلك يحصل محدودو الدخل على فرصة للوقف بمبالغ بسيطة أو في الوقت نفسه يتم إحياء مزرعة موقوفة من قبل أحد الواقفين والذي كان يحرص في حياته أن يستفيد منها الناس.. ودمتم أبناء قومي سالمين.