اعتراف الحرس الثوري الإيراني بأنه هو الذي قام بعملية قصف أربيل بعدد من الصواريخ مباشرة بعد ارتكابه هذه الجريمة أمر يحسب للنظام الإيراني، فهو لم يترك الجهات المتضررة تضيّع وقتها في التخمين بغية معرفة الفاعل. ولكن لأن هذا التوجه يعتبر غريباً لذا صار مهماً معرفة الغاية منه وقراءة ما يجري في الساحة من أحداث وتطورات جيداً، ذلك أن الأكيد هو أن هذا النظام لم يكن غافلاً عن توقع ردود الفعل التي منها إلغاء الاجتماع الذي كان مقرراً عقده في العراق بين وفدي السعودية وإيران ضمن التهيئة لإعادة العلاقات بين البلدين، ومنها اتخاذ الولايات المتحدة قراراً بالتريث في التوقيع على الصيغة شبه النهائية للاتفاق النووي، ومنها تساؤل دول المنطقة عما إذا كان النظام الإيراني صادقاً في تصريحاته بخصوص الملف النووي وتحسين العلاقات معها وتجاوز مرحلة المراهقة التي ظل يعيشها طوال الأربعين عاماً ونيف الماضية.

لم يكن مقنعاً قول الحرس الثوري إنه استهدف مقرا للموساد يعمل متستراً بالقنصلية الأمريكية في أربيل لأن مثل هذا التواجد -لو كان حقيقة- يظل شأناً داخلياً يخص العراق وحده ولا يحق للنظام الإيراني أن يتدخل فيه لا بهذه الطريقة ولا بغيرها، فهكذا فعل يؤدي بالضرورة إلى استنتاج مفاده أن إيران أعطت نفسها الحق في الاعتداء على كل الدول التي صارت تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية، وهذا يؤدي بالضرورة إلى إفشال كل جهودها الرامية إلى تحسين صورتها وجعل دول المنطقة تقبلها أو حتى تفكر في قبولها.

اعتداء الحرس الثوري على أربيل يؤكد من جديد أن النظام الإيراني غير صادق في تصريحاته بشأن تطوير علاقاته بجيرانه وأنه لايزال يعيش وهم تسيد المنطقة وأنه لا يمكن لهذه الدول أن تثق فيه. فالتصريحات إن لم تكن مقترنة بفعل يتأكد به صدقها لا قيمة لها. وهذا يعني أن ما قام به النظام الإيراني في كردستان العراق يصنف في باب الحماقة.