في نهاية مقالي السابق عن الأزمة الروسية الأوكرانية طرحت السؤال الآتي: هل ترتد الكرة لبوتين وتتاح له هجمة معاكسة لتحقيق ما يصبو إليه؟ أعتقد أن المهمة تزداد صعوبة أمام بوتين كلما طالت، وذلك لأن المواجهة ليست بين روسيا وأوكرانيا إنما هي أكبر من ذلك؛ فهي بين روسيا من جهة وأوكرانيا وحلف الناتو وأمريكا من جهة أخرى لذا إذا ما حقق بوتين هدفه في احتلال «كييف» عاصمة أوكرانيا فهذا يعني أنه بذلك يشكل خطراً على جمهوريات روسيا السابقة في أوروبا الشرقية التي استقلت عند انهيار الاتحاد السوفييتي وبذلك فإن احتلال أوكرانيا بما فيها العاصمة كييف سوف يمثل تحولاً تاريخياً في الخريطة الجيوبولوتيكية للعالم والعودة إلى عالم القطبين.

لذا فإن ما يدل على هذا التخوف عند أوروبا وأمريكا هو ما إن بدأ الغزو السوفييتي لأوكرانيا بدوره بدأ الغرب في إجراء عزل النظام المالي الروسي عن سوفييت الذي هو شريان مالي عالمي يسمح بالتدفقات النقدية بسهولة وسلاسة لتمويل التجارة الخارجية والمشاريع البينية من البنوك العالمية وهذا من شأنه أن يلحق الضرر بالاقتصاد الروسي على المدى القصير والمتوسط والبعيد.

بعدها بدأت العقوبات الاقتصادية على روسيا من أغلب دول العالم ولعل أهمها إغلاق نيوستريم 2 من قبل ألمانيا الذي يعد مسماراً قوياً في جسد الاقتصاد الروسي أما تدفق الغاز باتجاه أوربا الذي يصل إلى «40%» من احتياجها من الطاقة وعجز المصادر البديلة مثل قطر أو الجزائر أو أمريكا أو بعض الدول المنتجة في أوربا عن تعويض هذا النقص لأسباب فنية واقتصادية، وهذا من شأنه أن يلحق الضرر الشديد بالاقتصاد الروسي.

وجاءت حزمة من العقوبات الاقتصادية من كل مكان على روسيا بمختلف أنواعها بشكل لم يتوقع بوتن أن يكون بهذا الحجم حيث اعتمد الاتحاد تجميد أصول مملوكة للبنك المركزي الروسي، واستهدفت العقوبات 70 بالمئة من الأسواق المالية الروسية والشركات الكبرى المملوكة للدولة بما فيها الشركات المملوكة لوزارة الدفاع.

ومثل هذه العقوبات الاقتصادية أصبحت كالحرب الاقتصادية التي هي في رأيي أخطر من الحرب العسكرية وهكذا حققت أمريكا ما جاء في خطاب رئيسها جون بايدن «إننا لن ندخل في حرب عسكرية مع روسيا ولكن سوف نفرض أكبر عقوبات اقتصادية في التاريخ على روسيا».

وأصبحت روسيا اليوم تبحث لها عن مخرج يحفظ ماء وجهها أمام العالم وفي المقال القادم سوف نجيب عن سؤال: ما هوالمخرج المناسب لروسيا للخروج من أوكرانيا؟

تنويه

أود أن أنوه وأعتذر إلى القراء الكرام عن الخطأ غير المقصود، حيث أرسلت بالخطأ بريداً إلكترونياً لصحيفة «الوطن» يحتوي على مقال ليس مقالي، وتم نشره أمس، ولذلك أعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود، وأتوجه بالشكر إلى صحيفة «الوطن» على تعاونها الدائم معي ومع القراء الكرام.