قبل أيام وصلتني رسالة إلكترونية من أحد الزملاء الإعلاميين النشطين في مجال وسائل التواصل الرياضي مفادها أن هناك من لايزال يحارب النقد الرياضي ويحاول إملاء شروطه على الإعلام الرياضي بمقايضات هابطة تؤكد عدم وعي هذه الفئة -المتكاثرة في وسطنا الرياضي- بأهمية النقد البناء كجزء أساسي من الشراكة المطلوبة للارتقاء بمنظومتنا الرياضية برمتها!

شخصياً لم أستغرب تلك المقايضة الهابطة لأنني وعلى مدار أكثر من نصف قرن من العمل في بلاط صاحبة الجلالة لمست مثل هذا التوجّه وتحمّلت الكثير من التضحيات في سبيل محاربة هذه الظاهرة السلبية، ولكن للأسف الشديد أجدها اليوم تكبر وتنتشر في الجسم الرياضي انتشاراً مخيفاً في الوقت الذي تطورت فيه الثقافة الرياضية وتطور فيه الإعلام الرياضي من حولنا، حتى أصبحنا نستشعر التأثير الإيجابي للإعلام الرياضي على رفع مستوى الوعي الثقافي وتقدير قيمة النقد الرياضي البناء في دول الجوار.

حتى أكون أكثر إنصافاً وعدالة فإنني أتحدث هنا عن النقد البناء الذي يُسهم في إصلاح الاعوجاج، ولا أتحدث عن الإثارة الإعلامية التي لا أؤمن بها مطلقاً ولا أعتبرها جزءاً من أجزاء النقد البناء، ولو أن الأمر اختلط في هذا الزمان مع دخول وسائل التواصل الإلكترونية التي أصبحت متاحة لكل من «هبّ ودبّ»حتى أصبح المتلقّي لا يستطيع أن يفرّق بين الغث والسمين!

رياضتنا كأي رياضة أخرى لا تخلو من النواقص ولا تخلو من الاعوجاج في بعض مفاصلها، وهنا يكمن دور النقد البناء الذي يُساهم في سدّ هذه النواقص وإصلاح ذلك الاعوجاج، ولعلنا تابعنا مؤخراً «صرخة» أحد نوابنا الأفاضل المطالبة بإنصاف المحللين الرياضيين بقناة البحرين الرياضية ومكافأتهم مادياً نظير جهودهم التي يبذلونها على مدار ساعات طويلة!

هذه «الصرخة» -رغم تأخرها- إلا أنها تكشف عن مدى «استصغار» دور الإعلام وأهميته في الارتقاء بمسابقاتنا الرياضية المحلية، ويبدو أن صداها سيكون له ردود أفعال إيجابية من قبل الوزارة تنصف المعنيين بالأمر.

تأكدوا أنه عندما تنقشع من مجتمعنا الرياضي مثل تلك «المقايضات الهابطة» سيتغير مؤشر «ترمومتر» الحركة الرياضية إلى الأعلى، وسيكون الإعلام الرياضي شريكاً فاعلاً.