إن كان ذكر لنا الأولون والتابعون «أن لكل امرئ من اسمه نصيباً» فالأمر لا يبعد كثيراً عن أسماء العواصف التي ما أن نذكر أسماءها إلا وتعود إلينا ذاكرة من ماضٍ ربيع أو نستحضر الألم والنحيب والعويل لخراب اقترفته الزوابع والأعاصير.
هبة، ويسبقها زينة وكاترينا، انجيلا، كلارا، داني، إليز، جورج، عمر، كارين، مارس، وغيرهم الكثير.. بالنسبة لي ولك أيها القارئ العزيز هذه أسماء ذكور وإناث بالتأكيد ولكن بالنسبة لإدارة مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية في الجمهورية اللبنانية هذه قائمة بأسماء العواصف والمعتمدة التي يتم تحضيرها قبل سنتين تقريباً من حلول فصل الشتاء والتي من المحتمل أن تضرب الأراضي اللبنانية ودول الجوار تيمناً بما تفعله الأرصاد الجوية العالمية.
وما لاحظته خلال قراءاتي المتعددة لهذا الموضوع الذي سرق انتباهي، وعن الآلية المتبعة عند تسمية العواصف، فالأمر يختلف من دولة إلى أخرى ومن ثقافة إلى ثانية. ففي لبنان يتم السير على الأحرف الأبجدية الأجنبية ولكن بالطريقة المعكوسة مع المحاسبة للأسماء التي يمكن تحمل طابعاً طائفياً، دينياً أو سياسياً، لضمان التوازن. أما في فلسطين فيتم تسميتها بحسب المناطق القديمة من أجل إحيائها في ذاكرة الجيل الجديد. إن كنا عرفنا آلية الاختيار ولكن هذا لا يمنع أن تتم التسمية أحياناً تيمناً باسم قريب من القلب أو له في الذاكرة خاطر ووجدان. وتسمية العواصف أيضاً لن تخلو من التحيّز والعنصرية من وجهة نظر البعض حيث إن جميعها كانت تأخذ المسميات الإنثوية الأمر الذي أثار غضب بنات حواء، معتبرات أن هذا الأمر في تنقيص من شأنهن وأنهن مثال للخراب والدمار وحالة الفوضى التي يفعلنها ما أن حلَلن في مكان والعياذ بالله. الأمر الذي دفع بالمعنيين إلى «تذكير أسماء العواصف» من باب المساواة بين الجنسين.
في جميع الأحوال نسأل الله عز وجل السلامة من كل شر وأن يكون في عون من لا ملجأ ولا ملاذ ولا ستر له سوى خيمة من قماش فوق هضبة ثلجية.