بينما كنت أتابع مقطع الفيديو المرسل من عملاق الحراسة البحرينية والخليجية حمود سلطان والذي كان يتساءل فيه عن أسباب عزوف جماهير المحرق عن حضور مباريات الفريق في المسابقات المحلية بالكثافة المناسبة، استعدت ذاكرة عديد المقالات والآراء التي كانت قد طرحت في مختلف وسائل إعلامنا الرياضي في السنوات الأخيرة حول ظاهرة العزوف الجماهيري عن المسابقات الكروية المحلية، ومن بين هذه المقالات مقال واستطلاع للرأي كنت قد كتبته في صحيفة الأيام عندما كنت رئيسا للقسم الرياضي وتحديدا في السابع من شهر مارس من عام 1989، أي قبل ما يزيد عن اثنين وثلاثين عاما حيث كشفت نتيجة ذلك الاستطلاع عن شكوى الجماهير من ارتفاع أسعار تذاكر دخول المباريات إلى جانب تدني المستوى العام وعدم ملاءمة توقيت إقامة المباريات للعمال والموظفين عندما كانت المباراة الأولى تبدأ عند الساعة الثالثة والنصف عصرا، كما تعذر البعض بالفوضى التي كانت قد اجتاحت المدرجات في بعض المباريات وأخيرا عدم اهتمام الأندية بروابطها الجماهيرية واعتمادها آنذاك على فرق الفئات العمرية من الناشئين والأشبال، وكنت يومها قد نشرت مقالا تحت عنوان «العزوف الجماهيري عن مباريات الدوري.. لماذا؟!»

ها نحن اليم وبعد أكثر من ثلاثين سنة نعيد طرح نفس السؤال في ظل الغموض الذي يحوم حول أسباب عزوف الجماهير عن حضور مباريات المسابقات الكروية المحلية رغم إيماننا بمدى اهتمام الجماهير البحرينية لكرة القدم ومدى عشقها، بل وتعصبها إلى أنديتها والدليل ما شهدته مباريات فريق المحرق مؤخرا في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي من حضور جماهيري رهيب..

إذا كانت الجماهير – قبل 32 سنة – تتعذر بارتفاع أسعار التذاكر فإن أسعارها اليوم تكاد تكون رمزية وفي متناول الجميع ومع ذلك ما يزال العزوف مستمرا، بل حتى تلك المباريات المجانية المحلية والدولية تفتقر هي الأخرى إلى الحضور الجماهيري!!

وإذا كان توقيت إقامة المباريات – قبل 32 سنة – غير ملائم للعمال والموظفين فالحال تغير اليوم وأصبحت المباريات تقام في توقيت متأخر وما يزال هذا التوقيت يؤرق الكثيرين سواء من اللاعبين أو الجماهير، فماذا بيد الاتحاد فعله؟!

أما الحديث عن تدني المستوى فهذا ليس عذرا كافيا للامتناع عن الحضور، بل على العكس من ذلك قد يؤدي الحضور الجماهيري المكثف إلى المساهمة في تصاعد المستوى الفني للمباريات وزيادة حماسة اللاعبين وتحفيزهم على تقديم أفضل ما لديهم خلال المباريات.

وفي ما يتعلق بعدم اهتمام الأندية بروابطها الجماهيرية فهذه نقطة جوهرية تستحق أن نتوقف عندها لبحث الحلول الكفيلة بعودة الحياة إلى الروابط الرسمية في كل ناد من أنديتنا الكروية، فإذا كان حمود سلطان يتساءل عن غياب جماهير المحرق وهو النادي صاحب البطولات وصاحب أكبر قاعدة جماهيرية في البحرين فماذا عسانا أن نتوقع من باقي جماهير الأندية الأخرى؟!

هنا يتطلب الأمر تحركا جادا من إدارات الأندية المعنية لإحياء روابطها الجماهيرية بما يضمن عودة الحياة إلى المدرجات من جديد بما يتوافق مع متطلباتنا الكروية المستقبلية وليس بالضرورة حصر الحلول في الجانب المادي فالجماهير بطبيعتها تشجع فرقها من منطلق الانتماء وهذا هو ديدن الجماهير في كل مكان..

فقط على الأندية أن تشكل لجانا خاصة لمتابعة روابطها الجماهيرية وتوفير ما تحتاجه هذه الروابط من تسهيلات تشجعها على حضور المباريات والوقوف خلف فرقها في الحلوة والمرة لتعيد إلينا تلك المشاهد الجماهيرية المهيبة التي كنا نمتع ناظرينا بها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.