لا ينكر خليجي أن الأساس الذي بني عليه مجلس التعاون هو وحدة الدم والعقيدة واللغة والتاريخ، إلا أن هذه المحددات المذكورة سلفا تأتي اليوم لتحقق هدفا آخر لصياغة مستقبل المجلس، وهذا الهدف يتمثل في البعد الاقتصادي الذي يدركه القادة جميعا ويحاولون العمل من خلاله لاستدامة هذه المنظمة بما يحقق تطلعات الشعوب.

والحديث عن العملة الخليجية الموحدة ربما قد تجاوزه الزمن بعد ظهور العملات المشفرة وفرضها لأمر واقع تحاول معظم الحكومات إيجاد تقنين لما يحدث في أسواق افتراضية تدخل إلى خزائن المواطنين وتعدهم بأرباح خيالية ليفيق المواطن على وقع صاعقة انهيار العملة وخسارة أمواله، وبالتالي خسارة الاقتصاد المحلي والإقليمي. ولن يحدث التقنين التشريعي للعملات المشفرة في دول العالم إلا عبر تحالف يواجه هذه المنظومة بشكل لا أستطيع أن أجد له توصيفاً محكماً، ولست أنا وحدي التي لا أعلم، بل أعتقد أن الجميع يعاني من هذه معضلة عدم العلم، ولذلك فإن القوى التي سينتجها التحالف الاقتصادي حيال تغول هذه العملات ودخولها إلى الدول دون استئذان، سيمثل الحل الأنسب لهذه الحرب الاقتصادية مجهولة المصدر والعدو.

ولقد أكد البيان الختامي للقمة الخليجية الأخيرة على أهمية استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، بما يحافظ على مصالح دول مجلس التعاون الخليجي، ويعزز دورها الإقليمي والدولي، من خلال تقوية الشراكات السياسية الدولية، وهذه الفقرة من البيان تترجم ما قدمت إليه بالنسبة للحرب الاقتصادية الافتراضية، ويمكن البناء على ما ذكر فيها لكي يمثل منطلقاً للعمل المشترك في سبيل الوحدة الاقتصادية.

كما أن الدفاع والأمن يمثلان أيضاً حصنا لاقتصاد أي دولة، فلا ينمو أي اقتصاد في منطقة تعيش صراعات وتحيط بها التهديدات، إلا أن منطقتنا -وعلى الرغم مما تواجهه- إلا أنها تمثل منطقة جذب استثماري مثالية لمستثمري العالم، ويجب أن يتم تعزيز هذه الثقة لكي يتضاعف الاستثمار، خاصة عندما تحدث البيان عن تحقيق التنوع الاقتصادي وتعظيم الاستفادة من الإمكانيات الاقتصادية والفرص المتميزة لمضاعفة الاستثمارات المشتركة بينها، وتطوير تكامل شبكات الطرق والقطارات والاتصالات بين دول المجلس.

القراءة الاقتصادية الأولية للبيان تحتاج لمزيد من التفسير والترجمة العملية، بتحقيق نمو في الصناعات الوطنية وتسريع وتيرتها لتتناسب مع معدل التنافسية المرتفع حول العالم.