جاء في تعريف اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي أنه «ينمي الإحساس لدى الجماعات بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية».

أقرأ من تعريف اليونسكو أن هذا التراث يمثل التاريخ والهوية الوطنية لأي مجتمع، كما أنه القوى الناعمة والقوية التي تستند عليها الشعوب للتعريف بهويتها وتاريخها، ومن ثم تتبوأ المكانة المستحقة لها.

استذكرت ما سبق وأنا أقرأ الخبر «اليتيم» عن إدراج «اليونسكو» يوم الأربعاء الماضي، فن الفجري البحريني على قائمتها للتراث غير المادي، إلى جانب مجموعة من 43 عنصراً من مختلف دول العالم.

الخبر «اليتيم» الذي تم نشره محلياً، وتضمن تصريحاً لرئيسة هيئة البحرين الثقافة والآثار أثار فضولي للبحث عن كيفية احتفال الآخرين بإدراج تراثهم على القائمة العالمية، والتي تعني اعترافاً صريحاً وواضحاً بقيمة هذا التراث وأهميته، ليس على النطاقات المحلية فقط؛ بل العالمية أيضاً.

«التطريز الفلسطيني» و«القدود الحلبية» و«فن التبوريدة المغربي»، وهي الفنون العربية التي تم إدراجها في الاجتماع الأخير لليونسكو؛ حظيت باهتمام غير عادي في مختلف وسائل الإعلام في دولها، وخصصت لها صفحات وبرامج تلفزيونية وتقارير مكتوبة ومصورة بمختلف اللغات، فيما اكتفينا في البحرين بخبر وتصريح.

لا يمكننا إنكار الجهود الكبيرة والمقدرة التي تقوم بها هيئة البحرين الثقافة والآثار في العناية والاهتمام بالتراث البحريني وحمايته ونشره عالمياً، لكن الحدث اليوم يتطلب عناية خاصة، ولا سيما أنه يمثل رسالة بحرينية عريقة إلى العالم، وهو فرصة مهمة لإطلاق تراثنا وثقافتنا وتعريف العالم بتاريخ البحرين وعراقة شعبها، وخصوصاً أن الحدث توافق مع احتفالات المملكة بالأعياد الوطنية.

كمتابعة ومهتمة بالتراث الوطني البحريني، كنت أتمنى أن يكون الاهتمام بالحدث مضاعفاً، وأن تسعى كل الجهات المعنية، هيئة الثقافة ووزارة الإعلام ومركز الاتصال الوطني وغيرها من الجهات الرسمية والأهلية، لاستغلال المناسبة ونشر تراثنا الجميل وثقافتنا الوطنية بشكل أكثر احترافية ومهنية.

وأخيراً، فإن إدراج هذا الفن التراثي الوطني في القائمة العالمية يساهم في صونها والحفاظ عليها وتثمينها، كونها تمثل ذاكرة حية وكنزاً حضارياً يرسخ الهوية ويؤكد التاريخ العريق الذي يمكن البناء عليه، إلا أن الدور الأهم والأكبر يقع علينا، مؤسسات حكومية وأهلية وأفراداً، لنحافظ عليه ونحوله إلى قيمة عالمية.

إضاءة

أشارت اليونسكو في قرارها باعتماد «الفجري» ضمن قائمة التراث العالمي غير المادي «الفجري هو نوع من الموسيقى التي تحيي ذكرى الغوص من أجل صيد اللؤلؤ في البحرين، ويعتبر وسيلة للتعبير عن العلاقة بين الشعب البحريني والبحر، وتعود ممارسته إلى أواخر القرن التاسع عشر، حيث يقوم أولاد صيادي اللؤلؤ وأفراد الطاقم وغيرهم من المهتمين بالحفاظ على هذا التقليد بأداء الفجري ونقله ضمن أماكن ثقافية تُسمَّى الدور».