يعد الشباب الشريحة الأكثر تفاعلاً مع الحدث على مستوى العالم؛ فهم النبض والمستقبل ولذلك يتم استهدافهم من قبل المؤسسات والمنصات الإعلامية ذات الأيديولوجيات المختلفة، وكل معسكر يحاول ضم الشباب والظفر بهم لضمان استمرار فكرهم واستمرار قضيتهم.

المفارقة بين شباب القرن الحالي وبين الذين سبقونا هي المعلومة التي أصبحت متاحة للجميع، والحصول عليها أصبح ميسوراً جراء التطور التكنولوجي الذي نعيشه، ولم يكن ذلك متاحاً للأجيال السابقة، بل كانت مصادرهم محدودة ومرتبطة بشكل مباشر بالوسائل التقليدية كالتلفاز والراديو، إضافة إلى الصحف والكتب، لذلك يبذل أحدهم جهداً لاستقاء أي معلومة ليكون لها دور في تشكيل شخصيته وهويته.

ومع يسر المعلومة وسهولة وصولها فقد الشباب حس المسؤولية، بل أصبح معظمهم غيرمرتبط بالحدث العالمي ولا يتأثر بالمتغيرات حوله، إذ إن علماء الاجتماع أجمعوا على أن هناك عزوفاً كبيراً عن المنظومة القيمية للمجتمعات العربية بسبب تخلي الشباب عن الاهتمام بقضايا الأمة، والاهتمام فقط بما يدور حولهم ونفسهم ودائرتهم الصغيرة، غير مبالين لما يحدث من انتهاكات في حق إخوانهم في أي قطر من الأقطار.

الكائن الأناني الذي أصبح يعيش اليوم حياة سائلة كما وصفها «باومان» في كتابه الحياة السائلة أوجدت نوعاً من الشباب غير مبال بمفاهيم قيمية رئيسية، متناسياً مفهوم الإخاء والترابط والجسد الواحد، مشغول بنفسه ومرتكزاته الشخصية وحياته العاطفية في إشارة واضحة إلى انهيار كل ما يربطه بالمنطقة ومآلاتها.

ولذلك تقع على المربين والمؤثرين مسؤولية كبيرة في توعية الشباب ومحاولة ربطهم بالواقع العربي، وتعزيز المفاهيم والقيم المرتبطة بالدين الإسلامي والعروبة والقومية، وتحفيز حس الانتماء ليشعر أحدهم بما يعانيه الآخر، ويذود عن المستضعف وينصره، فلا يمكن أن تكون هناك قضية مثل القدس ومكتسبات الشعب الفلسطيني نعيش أحداثها وآخر مغيب عنها، ويقول «ما لي شغل فيهم».

إن التفاعل والتعاطي مع الأحداث من قبل الشباب العربي صاحب المبدأ هو ما سيرسم خارطة طريق لجيل النشء الذي سيكبر ليرى أن من سبقوه لم يتخلوا يوماً عن مبادئهم، بل كان يؤلمهم ما يحدث لأي فرد ينتمي إليهم.

* باحث ماجستير - الجامعة الأهلية