من جديد تربك الصين وقدراتها العسكرية المتنامية الولايات المتحدة الأمريكية -صاحبة أكبر قوة عسكرية في العالم- بعد أن أطلقت سراً صاروخاً خلال الصيف تتعدى سرعته سرعة الصوت بخمسة أضعاف ولديه القدرة على أن يدور حول الكرة الأرضية ليصل إلى الهدف. حيث صرح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن التجربة الصينية للصاروخ تثير «المخاوف» خاصة وأنها جاءت مفاجئة ولم تتوقعها أجهزة الاستخبارات الغربية.

وتعد الصين أول دولة تطلق صاروخاً عسكرياً تفوق سرعته سرعة الصوت يدور حول الأرض مما يعد إنجازاً تقنياً متطوراً بشهادة كبار العسكريين في البنتاغون كما تسعى إلى امتلاك 1000 رأس نووي -لديها حالياً 200 رأس نووي- بحلول عام 2030 وتجتهد في تأسيس البنية التحتية لمنصات إطلاق الأسلحة النووية في البر والبحر والجو. ويأتي كل ذلك في ظل الخطة الاستراتيجية الكبرى التي أطلقها الرئيس الصيني في 2015 لتطوير القوات المسلحة الصينية.

ويتوقع العالم صعوداً عسكرياً متسارعاً للصين التي تعمل بكثير من السرية في هذا الجانب وتعتمد حتى اللحظة على قدراتها المالية المهولة في التمدد خارج حدودها وبسط نفوذها من خلال استثماراتها في المشاريع الأساسية للدول النامية سواء في آسيا أو أفريقيا.

الولايات المتحدة لديها 800 قاعدة عسكرية حول العالم تعتمد عليها لتعزيز نفوذها وحماية مصالحها وحماية حلفائها، أما الصين فلديها قاعدة عسكرية بحرية وحيدة في جيبوتي حتى الآن هدفها حماية سفنها التجارية من القرصنة. لكن قد يتغير الأسلوب الصيني في إثبات الوجود والهيمنة أسرع مما هو متوقع خاصة وأنها بدأت ومنذ فترة في فرض نفسها كدولة عظمى في بحر الصين الجنوبي غرب المحيط الهادي وتحاول التحكم في عبور السفن فيه وآخر تدخلاتها التعرض لسفن فلبينية تجارية مما أثار حفيظة الأمريكان. كما نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية في 19 نوفمبر خبراً عن وقف بناء قاعدة بحرية سرية للصين في إحدى الدول الخليجية بعد ضغوطات من الولايات المتحدة الأمريكية.

إذاً، السنوات القادمة ستشهد سعياً صينياً جاداً للتسلح والتمدد العسكري أيضاً وسيقابل ذلك حتماً تطور عسكري مشابه من قبل الولايات المتحدة تحسباً للمفاجآت الصينية التي باتت تشكل تهديداً صريحاً للتفوق الأمريكي العسكري ويبدو أن العالم سيعود الى حقبة عاصرها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية واستمرت حتى الثمانينات من القرن الماضي بلغ فيها سباق التسلح وبسط النفوذ ذروته بين السوفييت والأمريكان آنذاك.

هذه المرة، المنافس الصيني يمتلك قدرات مختلفة عن المنافس السابق «السوفييتي» وأبرزها الإمكانيات المالية الضخمة بسبب عقود من النجاح الصناعي والاقتصادي وصلابة وثبات في نظام الحكم وثقافة عمل جادة قديمة تم إنعاشها وتعزيزها بالإضافة لكنز كبير وهو الأعداد البشرية المهولة التي تحسب لصالحه.

ويا ترى لمن ستكون الغلبة هذه المرة، هل للعم سام الذي مازال يمتلك أهم مفاتيح العلوم والتكنولوجيا وفي جعبته حوالي قرن وأكثر من التفوق الصناعي والاقتصادي والعسكري أم للتنين الصيني الذي فاق من سباته؟ وما مدى تأثير سباق التسلح المتوقع على أمن واستقرار العالم خاصة إقليمنا الملتهب أصلاً الذي دخلت الصين فيه من بوابة إيران مؤخراً؟