لأننا عرب وتربية مجالس رجال، وعندنا أمر معيب أن يصدر مجرد إيحاء بالمنة على الغريب فما بالك بالشقيق، لن نتحدث أو نعدد ما قدمته دول الخليج العربي للبنان، ليس لأنه كثير، أو مهم، أو لأنه شكل منعطفاً حاسماً في تاريخ لبنان الشقيق، لن نتحدث لأن المنة عيب، لذا سنتحدث عما قدمه لبنان لدول الخليج العربي. فقد كان لبنان يقدم لنا الصباحات الفيروزية، ويقدم التفاحات الحمراء من عكار، والكتب من مركز دراسات الوحدة العربي، ومجلات الشبكة والموعد، وسوبرمان والحوادث، وكان نفط الخليج يصب في الزهراني. ثم تغير كل شيء فبدل سماع صوت فيروز -كحال بقية دول العالم العربي- صار قرداحي يسمعنا شتائمه، وبدل تصدير التفاح صار نصرالله يصدر لنا حبوب الكبتاجون «Captagon»، كما كان شربل قد حاول أن يعايرنا ببداوتنا مستمداً تحضره من مرجعيات أو حفريات فينيقية لا تعده منتمياً لها أصلاً.

ومنذ أن وصل السلطة في بيروت كهول قساة القلوب ضيقو الأفق تأهيلهم كان عيش حياة صراعية، من المشاحنات إلى الصدامات المسلحة، وبيع الولاء شرقاً وغرباً، منذ وصولهم إلى السلطة لم تخضع العلاقات الخليجية اللبنانية إلا بصعوبة لتعريف إيجابي. ومرد ذلك إيغالهم في دق إسفين الفرقة الخليجية اللبنانية، لأن ذلك يقربهم من طهران، ولم تسعفهم مخيلتهم عن تواصل إلا بشكله البدائي بأن يطلقوا علينا سفهاءهم في انتظار أن نطلق عليهم سفهاءنا، فقد توقعوا أن كل بلد لا يخلو من غرير قليل الخبرة سهل الانفعال. لكن الرد الخليجي كان خارج حسابات من يعتمد على تراشق السفهاء، وقد تمثل الرد -على تصريحات قرداحي المشينة- في التضامن الخليجي ضد متصرفية جبل لبنان تحت حكم متصرفه الفارسي، وكان حازماً هذه المرة، وتم إيصال الرسالة الجماعية رسمياً بطلب مغادرة السفراء، واستدعاء سفراء الخليج من بيروت. وشعبياً بما يثلج الصدر ويتصدر هاشتاقات منصات عدة، مؤسساً لنهج الوقوف في وجه الكبائر والتوسع لتشمل أهل الصغائر.

بالعجمي الفصيح

لولا التضامن الخليجي بعد القرداحيات الفجة لما تم التكليف بإنشاء خلية لبنانية لإدارة الأزمة ورأب الصدع مع دول الخليج، وهو كتخفيف حكم الإعدام بحق «ميت».